عنوان الفتوى : ليس كل تأخر في الزواج سببه سحر أو عين
أنا فتاة في السابعة والعشرين من عمري طبيبة وملتزمة ومتحجبة وجميلة وأصلي قيام الليل وأصوم النوافل وأتصدق بمالي وبارة بوالدي ـ والحمد لله ـ كنت متفوقة جدا في دراستي وعلاقتي جيدة مع الناس: منذ أن كنت في الجامعة أحسست أن أموري متعسرة في كل شيء وخاصة في الزواج، قلت ذلك لأمي فاحتارت، وتوالت الصعوبات حتى لاحظ الجميع ما يحصل معي، وباختصار شديد كل من يتقدمون لي غير متدينين مع أنني فتاة متدينة وشرطي الصلاة لقبول أي زوج، وإن تقدم لي شخص متدين فإنه يأتي في ظروف غير مناسبة، وإن تقدم لي أشخاص آخرون فإنهم يطمعون في مالي.... خطبت العام الماضي من شاب لا أعرفه، عرفني عليه خاله وبعد الخطبة اكتشفت أنه يتعاطى المخدرات، وقال لي إنه ليس لديه مانع في المعاشرة قبل الزواج، صعقت وسارعت بفسخ الخطوبة، وسؤالي الأول: إن كان ما يحصل لي ابتلاء فأنا راضية ـ والحمد لله ـ لكنني خائفة من السحر، فبماذا تنصحونني؟ وما هو رأيكم في ما يحصل لي؟. وسؤالي الثاني: في السنة الجامعية الأخيرة دخل إلى المستشفى قريب لي لم أره منذ طفولتي تعرض لحادث وأحسست أن معزته تكبر في قلبي وصارحني بأنه يكن لي حبا صادقا.... وأمي مريضة بمرض القلب ترجتني وقالت لي أريد أن يطمئن قلبي عليك وأراك في أمان في بيتك مع زوج يرعاك، وكان قد خطبني هذا الذي يتعاطى المخدرات ورفضته، وسمع قريبي بخطوبتي، وبعد أن ذهبت لزيارته في إحدى المرات وجدته غاضبا مني، وقد توفي بعد شهر ونصف بسبب مضاعفات الشلل. وسؤالي الثالث: هل إذا افترق متحابان لم يتزوجا في الدنيا يمكن أن يجمعهما الله في الجنة؟ وهل وردت أحاديث بهذا الشأن؟ وهل يجوز لي أن أتصدق عنه وأستغفر له؟ وهل يصل سلامي إليه؟ دعواتكم لي بتيسير أموري.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا علم لنا بسبب انصراف الخطاب عنك هل هو بسبب سحر، أو عين، أو غير ذلك، وإن كنا نحذّر من التسرّع والمبالغة في نسبة أسباب المشكلات إلى السحر والمس ونحوه، لكن على أية حال، فإنّ علاج هذه الأمور ميسور ـ بإذن الله تعالى ـ وأهم أسباب العلاج التوكل على الله والمحافظة على الأذكار المسنونة والرقى المشروعة والدعاء مع حسن الظن بالله، ولا بأس بالرجوع إلى الثقات من المعالجين بالطرق المشروعة، وراجعي الفتويين رقم: 2244، ورقم: 10981.
واعلمي أن تأخر زواجك قدر من أقدار الله التي كتبها قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، والتي يجريها على عباده بحكمته البالغة ورحمته الواسعة، فهو سبحانه أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا، وأعلم بمصالحنا من أنفسنا، فلا تجزعي لتأخر زواجك، وثقي بأن الله قد يصرف عنك شيئا ترغبين فيه ويدخر لك خيرا منه، قال ابن القيم: والعبد لجهله بمصالح نفسه وجهله بكرم ربه وحكمته ولطفه لا يعرف التفاوت بين ما منع منه وبين ما ذخر له، بل هو مولع بحب العاجل وإن كان دنيئا وبقلة الرغبة في الآجل وإن كان عليّا. اهـ
وما يعرف بعلاقة الحب بين الشباب والفتيات أمر لا يقره الشرع، لكن مجرد التعلق القلبي من غير كسب، أو سعي في أسبابه لا مؤاخذة به، والدواء الناجع لهذا التعلق هو الزواج، فإذا لم يتيسر لهما الزواج فعليهما الانصراف عن هذا التعلق حتى لا يؤدي إلى الوقوع في المحرمات، وعليه فقد أخطأت بإقامة علاقة مع هذا الرجل المريض، وأما قبولك خطبة غيره فليس فيها إثم أو ظلم له، وعلى أية حال فقد أفضى إلى ربه، وينبغي ألا تنشغلي به، لكن لا مانع من الاستغفار له والصدقة عنه، وأما بلوغ السلام إليه: فلا نعلم له دليلا في الشرع، والمرأة تكون في الجنة لآخر أزواجها، وراجعي الفتوى رقم: 37374.
والذي ننصحك به أن تشغلي نفسك بما ينفعك في دينك ودنياك، واعلمي أنه يجوز للمرأة أن تعرض نفسها على رجل صالح ليتزوجها، وذلك بضوابط وآداب مبينة في الفتوى رقم: 108281.
وللفائدة ننصحك بمراجعة قسم الاستشارات بموقعنا.
والله أعلم.