عنوان الفتوى : مشاهدة الأنمي المحتوي على كفر هل يعد كفرا؟
كنت في الماضي أشاهد رسومًا متحركة يابانية اسمها "كوروشيتسوجي" تدور أحداثها في لندن وفي أجواء الكنائس, وقد صورت الكاتبة الشيطان على أنه خادم، وهناك ملك موت - والعياذ بالله- وهم على أشكال بشر، وملك الموت هذا شخصية فكاهية شاذة، يرغب في الزواج من هذا الشيطان- والعياذ بالله- وقد كنت أضحك وأنتظر متى يأتي ملك الموت هذا، علمًا أن هذا الأنمي والمانجا الخاصة به رائجان جدًّا الآن، وهناك العديد من المتابعين العرب له، وكثيرًا ما تجد صورهم في تواقيع المشاهدين, فهل تعد مشاهدة هذا كفرًا والعديد من قارئي المانجا الذين يقولون إنهم مسلمون معجبون بهاتين الشخصيتين - ومنهم أختي -؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمشاهدة هذا النوع من الرسوم تفسد على النشء من المسلمين دينهم، وتشككهم في عقائدهم في الملائكة, وإن لم تكن المشاهدة في نفسها كفرًا أكبر مخرجًا من الملة ـ ما لم يعتقد الناظر ما اشتملت عليه من كفر ـ فهي محرمة، وإثم عظيم, فالملائكة عباد مكرمون, وليسوا بشرًا شاذين ينكحون الشياطين، كما قال رب العالمين: وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ {الزخرف:19} وقال تعالى: وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ{الأنبياء:26}.
ففي مشاهدة هذه الرسوم المتحركة من ترسيخ عقائد كفرية في النشء ما فيه، هذا لو خلت من غيرها من المحاذير الشرعية العقدية، والأخلاقية التي نبهنا عليها في الفتويين : 3127، 34634, وكما تحرم مشاهدتها يحرم كذلك إنتاجها، وبيعها، وشراؤها، واستعارتها، وإعارتها؛ لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان، وقد قال الله تبارك وتعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
والخطر يكمن في أن تكرار المشاهدة ـ رغم اعتقاد فساد ما فيها ـ يزيل آخر درجات الإنكار من قلب المؤمن، وهو الإنكار القلبي الذي ليس وراءه حبة خردل من إيمان كما قررنا في الفتوى رقم:135734.
وقد بينّا جملة من الضوابط الشرعية لتجويز مشاهدة الرسوم المتحركة الوافدة علينا في الفتويين السابقتين: 3127، 34634.
وقد نصّ الفقهاء على حرمة مشاهدة الحرام؛ لما فيه من إقرار له، وتعاون على الإثم والعدوان.
قال الإمام الرملي في حاشيته على أسنى المطالب: اعلم أنه يحرم التفرج على هذه الأشياء المحرمة؛ لأن فيه إعانة لهم على المعصية.
قال الشيخ منصور سبط الطبلاوي، في حاشيته على تحفة المحتاج: وكل ما حَرُم حرُم التفرج عليه؛ لأنه إعانة على المعصية.
وقال البيجرمي في حاشيته على تحفة الخطيب: وما هو حرام في نفسه يحرم التفرج عليه؛ لأنه رضًا به، كما قال ابن قاسم على المنهج.
خلاصة الفتوى: مشاهدة هذه الرسوم المتحركة وشراؤها محرم؛ لما تشتمل عليه من كفر، وقد تنتهي بصاحبها إلى الكفر إذا اعتقدها.
والله أعلم.