عنوان الفتوى : التحلل من الحقوق المالية يصح بطرق غير مباشرة ولا يحل تأخيرها
أنا صاحبة الفتوى: 198589, وقد طلبتم مني أن أخبركم عن كيفية حصوله على المال, فقد كان يعطي الزبون كمية زائدة من العلف ليبيعها له بثمن أرخص؛ ظنًّا منه أنه يأخذ حقه من العمل؛ لأن صاحب الشركة الملياردير كان يعطي العمال أجورًا زهيدة؛ لذلك فإن كل العمال تقريبًا كانوا يلجؤون إلى نفس الطريقة لأخذ حقهم وأكثر, وقد نصحتموني أن يرجع المال المتبقي بالحيلة, لكنه أكَّد لي أنه لا تنفع معهم الحيلة, فهم لا يرحمون أحدًا فصاحب الشركة قد كوَّن منذ مدة لجنة لمتابعة هذا الملف للقبض على المتورطين, وهذا الرجل نادم, لكنه متأكد أنه لو اتخذ أي خطوة لإرجاع المال فإنه سيسجن, ويجبرونه على الاعتراف ببقية الأطراف, مع العلم أن الأرض التي بنى عليها المنزل لم يدفع ثمنها بعد, وهو عازم أن يسدد الثمن من تلك الأموال, وهو في حيرة من أمره, أرجوكم أجيبونا بسرعة, كيف يتصرف ليقابل الله, وهو راض عنه؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكون صاحب العمل يعطي عماله أجورًا زهيدة لا يبيح لهم الاعتداء على ماله وما ائتمنهم عليه, إذا كانوا قد اتفقوا معه في العقد على تلك الأجور ورضوا بها.
وعليه؛ فلو كان زوجك قد اتفق مع رب العمل على أجر زهيد, ودفعه إليه كاملًا غير منقوص -وهذا هو الظاهر مما ذكرت- فما أخذ من تلك الأعلاف وغيرها بغير حق يلزمه التحلل منه؛ إذ لا حق له فيه, وكيفية التحلل هي أنه يرد مثل ما أخذ إن كان له مثل موجود, وإلا دفع قيمة ما أخذ إلى رب العمل, ولو بطرق غير مباشرة, كأن يرده دون أن يعلم كونه هو من رده, ونحو ذلك, ولا تبرأ ذمته إلا برد ذلك الحق, والتحلل منه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. أخرجه الترمذي، وقال صلى الله عليه وسلم أيضًا: من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه. أخرجه البخاري.
ولا يجوز له تأخير الحق وحبسه عن صاحبه, قال في الفروع: والواجب في المال الحرام التوبة, وإخراجه على الفور بدفعه إلى صاحبه, أو وارثه، فإن لم يعرفه أو عجز دفعه إلى الحاكم, ومتى تمادى ببقائه بيده تصرف فيه أو لا عظم إثمه.
والله أعلم.