عنوان الفتوى : التوبة من الأموال المسروقة
عندما كنت أبلغ العشرين من العمر كنت مبتلى بمرض السرقة، وقد كان مرضا وكنت أسرق كلما استطعت إلى ذلك سبيلا، وقمت أيضا بتعليم صديقي السرقة، وأصبحنا نسرق سوية من بعض السوبر ماركت ونأكل ولا ندفع الحساب، ثم بعد فترة رزقني الله سبحانه وتعالى الندم فتبت ولكنه تعسر علي تقدير قيمة الأموال المسروقة وجميع الأماكن التي سرقت منها, فتبت إلى الله وندمت وقدرت ما يغلب على الظن أنه قيمة المسروقات وتصدقت بها عني وعن صديقي، وكان من الصعب علي أن أبحث عن أصحاب السوير ماركت أو البوفيه وأن أعترف لمن سرقت منهم وأن أجدهم، فتصدقت بها عنهم كلهم, وبعد فترة وسوس لي الشيطان أن الأموال غير كافية فأخرجت مثل المبلغ الأول وأكثر وتصدقت به ثم سألت شيخا: فقال لي يجزئ ذلك، وبعد فترة وسوس لي الشيطان أن أموالي غير مقبولة حتى أردها لنفس الأشخاص وأنني لم أتب وأن دعائي لن يقبل مني ولن يستجيب الله لي، لأن جسدي نبت من السحت، وأن النار أولى بي، وقد تسلط علي الشيطان من هذا الباب ولا أعلم كيف الخلاص إلا بالله تعالى، ثم لجأت إلى سؤالكم، فأفيدوني جزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي منَّ عليك بالهداية والإنابة إليه ووفقك لما أنت عليه من الخشية منه والرغبة فيما عنده، وتوبتك صحيحة مقبولة، وأعرض عن الوساوس التي تراودك، فهي من الشيطان لما غلبته على التوبة والفرار من بين يديه جاءك من حيث لا تحتسب يريد تيئيسك من رحمة ربك، فاستعذ بالله من نزغاته.
وخلاصة القول فيما ذكرت حول الأموال التي اعتديت عليها، فما كنت تعلم أصحابها بأعيانهم فالواجب ردها إليهم ولو بطرق غير مباشرة، ولا يجزئ التصدق بحقهم عنهم ما أمكن إيصاله إليهم، لكن لا يلزمك الاعتراف لهم، إذ المعتبر هو وصول الحق لهم فحسب، وأما من من جهلت أعيانهم أو أيست من الوصول إليهم: فيجزئك التصدق بحقهم عنهم، كما فعلت، وأقبل على ربك بالأعمال الصالحة، وأيقن بقبول توبتك ومغفرة ذنوبك، وانظر الفتوى رقم: 6420.
والله أعلم.