عنوان الفتوى : مسائل في قضاء الصلاة والصوم
أنا سيدة أبلغ من العمر 28 عاما متزوجة ولدي بنت، وحتى الآن لم أستطع المواظبة على الصلاة بانتظام، وليس عن غفلة ولا عن الانخراط في مسئوليات الحياة، بل بالعكس، فأنا دائما أشعر بتأنيب الضمير عما فاتني من فروض وأشعر بالخوف من العقاب والعذاب إذا مت ولم أعوضها، وبالرغم من ذلك لم أستطع الانتظام حتى الآن، هذا الأمر يشغل بالي طول الوقت، حاولت كثيرا أن أنتظم ولم أستطع حتى الآن أحيانا أشعر أن هذا من غضب الله، أو من مس الشيطان الرجيم حتى أظل على هذا الحال، وسؤالي هو: كيف يمكنني الانتظام على الصلاة دون رجعة لقطعها؟ وهل تجب علي تأدية كل الفروض الفائتة الكثيرة؟ أم فتح صفحة جديدة مع الله فقط دون تأدية الصلوات السابقة؟ وللأسف كنت أتهاون في قضاء أيام الحيض حتى الآن، فلم ألتزم بصيامها قبل رمضان التالي كل عام حتى الآن، وعلي أيضا شهر كامل بعد ولادتي أفطرت رمضان كله ولم أؤده حتى الآن تهاونا دون عمد أو قصد، وكنت أسوف وأسوف حتى تنتهي المهلة وهكذا... وحتى رمضانات التي صمتها كلها في حياتي عندما أنظر إليها وأتأمل صيامي فيها لا أجد سوى صيام البطن، فلم أكن ألتزم بالصلاة أثناء الصيام ولا الذكر ولا قراءة القرآن إلا قليلا، فما هي كفارة ما ذكرته بخصوص الصيام؟ وهل سيسامحني الله إذا جاء رمضان المقبل ويتقبل مني في هذه الحالة؟ وكيف أكفر عن تقصيري في صيام الأيام التي أفطرتها، وهل علي تأديتها فقط؟ أم تأديتها وإنفاق مبلغ من المال؟ وكيف أكفر عن تقصيري أثناء الصيام بعدم الصلاة والإقبال على الله بجميع جوارحي؟ وهل علي إعادة صيام رمضانات عمري السابقة كلها؟ أم إخراج مبلغ من المال فقط؟ أم ماذا؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر. رواه الترمذي وحسنه، وأبو داود.
فإذا أيقن القلب بذلك واستحضر قوله تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون: 4ـ 5}.
وقوله جل وعلا: فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء:103}.
وقوله عليه الصلاة والسلام: بين الرجل وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة. رواه مسلم.
إذا استحضر هذه النصوص ونحوها أثمر ذلك في قلبه تعظيم قدر الصلاة لا محالة، وأورثه المحافظة عليها والاهتمام بها، وقد ذكرنا بعض ما يعين على ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 43268، 4307، 181963.
فاستعيني بالله ودعي عنك وساوس الشيطان والظنون والأوهام، وتوبي إلى الله عز وجل من هذا الإثم الكبير، واعزمي من الآن على المحافظة على الصلوات، والتوبة مقبولة بشروطها، كما سبق في الفتوى رقم: 5450.
وأما عن قضاء الصلوات المتروكة عمدا: فقد اختلف الفقهاء في وجوب قضائها، وجمهور العلماء على الوجوب، وهذا هو الأحوط والأبرأ للذمة، وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 12700.
وأما قضاء صوم رمضان: فلا يجوز تأخيره إلى ما بعد رمضان آخر بدون عذر، ومن ثم فيجب مع القضاء إخراج كفارة وهي: إطعام مسكين مقدار مد من قوت البلد عن كل يوم قضاء، كما سبق في الفتويين رقم: 163065، ورقم: 163275.
وبالنسبة للصوم الذي تركته بعد الولادة، إن كان بسبب الرضاعة: فقد سبق الكلام على ذلك في الفتويين رقم: 113353، ورقم: 121567.
ويجدر بالذكر أن ارتكاب الصائم المعاصي لا تبطل صومه، ولكنها تنقص أجره، وقد تذهب بثوابه بالكلية، وانظري الفتويين رقم: 11632، ورقم: 162815.
والله أعلم.