عنوان الفتوى : حد الضرورة المبيحة للعمل في البنك الربوي
أنا شاب فلسطيني عمري 34 سنة، مقيم في قطر, كنت أعمل في أحد البنوك الربوية وتركت العمل فيها ـ والحمدلله ـ في 2009, وعملت بعدها في عدة وظائف خاصة، ولم تكن مستقرة, وقد اضطررت لنقل كفالتي أكثر من مرة, وأنا المعيل الرئيسي لأهلي إلى جانب مشاركة إخواني المتزوجين والمقيمين بشكل مستقل عنا, وحاليا لا أعمل منذ شهر يناير 2013، وقد بحثت عن عمل في جميع الأماكن الحكومية والخاصة والبنوك الإسلامية, ولم أجد أي جواب, وحتى المشاركة في أعمال تطوعية مقابل مكافأة مالية لم تسنح لي الفرصة بها, وحاليا لدي فرصة عمل في بنك ربوي, ووضعي الحالي كالآتي: نظرا لجنسيتي فليس لي مكان للإقامة في غير قطر، وليس لي مصدر دخل ومصروفي الشخصي أقترضه، ولست متزوجا، ومطالب بنقل كفالتي حاليا من عملي الأخير، وليس لدي مبلغ نقل الكفالة إلى جانب أن إقامتي سوف تنتهي في شهر 6 وليس لدي مبلغ التجديد، وتجاوزت عدد مرات نقل كفالتي، وهي خمس مرات، وإذا رغبت في نقلها على أي جهة حاليا، فلا أستطيع نقلها على أي عمل آخر, وأنا مطالب بنقلها خلال شهريين، وفي حال قبلت العمل في البنك مضطرا فسوف تنقل كفالتي إلى البنك ولن أستطيع نقلها لأي كفيل آخر في حال وجدت بديلا آخر من مال حلال، أي أنني ربما أبقى مروبطا بالعمل في البنك إلى أجل غير مسمى، ولدي سيارة من عملي القديم، وهو الحل الأخير لبيع السيارة ونقل كفالتي على كفالة شخصية إذا لم أختر العمل في البنك الربوي، لكن في هذه الحالة سوف أبقى دون عمل، وفي حال وجدت عملا فسوف يكون عملي بشكل غير قانوني، وربما أكون معرضا لإلغاء إقامتي، والله المستعان، أفتوني بارك الله فيكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يفرج همك ويكشف غمك ويجعل لك من أمرك يسرا، وأما ما سألت عنه: فجوابه: أن العمل في البنوك الربوية لا يجوز ما لم تلجئ إليه الضرورة، قال تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام:119}.
وقال تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {البقرة:173}.
وحد الضرورة هو ما يغلب على الظن وقوع المرء بسببه في الهلكة، أو أن تلحقه بسببه مشقة لا تحتمل، أو لا يتمكن المرء معها من تحقيق الحد الأدنى من حياة الفقراء. والضرورة ـ في حال ثبوتها ـ تقدر بقدرها، وحيث زالت الضرورة أو وجد ما يقوم مقامها، فلا يجوز التعامل بالربا ويرجع الأمر إلى أصله وهو التحريم، وانظر الفتويين رقم: 4862، ورقم: 35027.
وما دمت تستطيع نقل الكفالة على غير البنك الربوي ويمكن للشخص العمل عند غير كفيله وإن كانت الكفالة شخصية بإعارة ونحوها حسبما ما اطلعنا عليه، وإذا كان كذلك، فلا ضرورة للنقل إلى البنك الربوي ولا سيما مع ما ذكرت من كونك إذا نقلت إليه لن تستطيع مفارقته.
وعلى كل فالضرورة إذا وجدت تقدر بقدرها ولا يتجاوز بها إلى غير محلها، فاتق الله واجتهد في البحث عن عمل مباح، وأكثر من الدعاء لعل الله يكشف غمك وييسر أمرك، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، وقد ضمن الله الرزق لمن يتقيه، فقال: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ { الطلاق:2ـ3}.
وللفائدة انظر الفتوى رقم: 41670.
والله أعلم.