عنوان الفتوى : النسخ توقيفي ولا يثبت إلا بنص من الكتاب أو السنة
هل النسخ في القرآن أمر توقيفي ـ أي أنه لا يجوز لأحد القول فيه من علماء هذا الزمان ـ أم يأتي كل أحد وينسخ من القرآن والأحاديث ما يشاء؟ أم هو مقصور على التابعين والصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ لعلمهم بما نسخ أيام الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وما هي الضوابط المحكمة للقول بالنسخ؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النسخ هو: رفع حكم شرعي بخطاب شرعي متراخ عنه، وقد نص أهل العلم على أنه توقيفي، وأن الناسخ هو الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فيما أذن الله به، وعليه فلا يمكن لأحد ـ كائناً من كان ـ أن يدعي نسخ حكم شرعي إلا ببيان من الكتاب أو السنة، ولا يمكن حصول النسخ إلا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، أما بعد موته واستقرار الشريعة فأجمعت الأمة أنه لا نسخ، قال الجصاص في الفصول: النسخ لا يصح إلا من طريق التوقيف, ولا يصح بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام. اهـ.
وجاء في التوضيح على التنقيح: وأما الناسخ: فهو إما الكتاب أو السنة، لا القياس ولا الإجماع، لأنه إن كان في حياة النبي عليه السلام يكون من باب السنة، لأنه متفرد ببيان الشرائع, وإن كان بعده, فلا نسخ حينئذ، فيكون أربعة أقسام: نسخ الكتاب بالكتاب، أو السنة بالسنة، أو الكتاب بالسنة، أو بالعكس. اهـ.
وقال الجلال المحلي في شرحه لجمع الجوامع: المراد أنه رفع الحكم الشرعي ـ أي من حيث تعلقه بالفعل ـ بخطاب ـ فخرج بالشرعي أي المأخوذ من الشرع رفع الإباحة الأصلية أي المأخوذ من العقل, وبخطاب الرفع بالموت والجنون والغفلة, وكذا بالعقل والإجماع، وذكرهما لينبه على ما فيهما بقوله فلا نسخ بالعقل... ولا نسخ بالإجماع، لأنه إنما ينعقد بعد وفاته صلى الله عليه وسلم ـ كما سيأتي ـ إذ في حياته الحجة في قوله: دونهم، ولا نسخ بعد وفاته... اهـ.
والله أعلم.