عنوان الفتوى : كيفية رد المال المأخوذ بالتحايل على جهة العمل
أنا موظف(فني) بإحدى محطات إنتاج الطاقة الكهربائية, وتقدمت للدراسة المسائية في كلية العلوم الإسلامية -قسم الشريعة، وحصلت على شهادة البكالوريوس في الشريعة, علما أن هذه الشهادة ليس لها أي علاقة بمجال عملي في المحطة، ولم تحسب لي، ولا يهمني ذلك؛ لأن هدفي من هذه الدراسة هو طلب العلم والدعوة الى الله تعالى, ثم بعدها تقدمت للدراسات العليا, وكان من الشروط المطلوبة للدراسة: إن كان المتقدم موظفا أن يأتي بعدم ممانعة من دائرته, ولكن دائرتي رفضت ذلك بزعم كون هذه الدراسة لا تتوافق مع طبيعة العمل في المحطة, فقررت السنة القادمة أن لا أكتب في استمارة التقديم للدراسات بأني موظف, ففعلت وسارت الأمور، وانقبلت, وأثناء دراستي قررت وزارة التعليم العالي إعطاء مبلغ من المال قدره( 100 ألف دينار عراقي=90دولارا تقريبا) كل شهرين للطلبة غير الموظفين, وعند استلام الراتب فوجئت أن أمام التوقيع تعهدا مفاده (أتعهد بأني لم أستلم أي راتب من الدولة) فأخذت المبلغ كي لا ينكشف أمري ويرقن قيدي, وقلت في نفسي سأتصدق به فيما بعد، فتصدقت ببعضه، وأكلت بعضه لاحتياجي له على أن يبقى كالدين علي وقال لي أحد الإخوة إن هذه شروط فاسدة تعجيزية, ولكن بعد مرور سنتين ونصف، ندمت، واستعظمت الأمر واستوقفني قول الله عز وجل: {وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً } وبحثت عن مخرج. فهل أعتبر قد كذبت وخنت العهد عندما سجلت أني غير موظف، وعندما استلمت المال من الكلية مع علمي بالتعهد. ثم إن هناك تعهدا آخر من دائرتي قد وقعت عليه أيضا بأني لم أستلم راتبا آخر، فإن لم أبلغهم يرقن قيدي، وأعاقب بدفع مبالغ مضاعفة، وقد ينهون خدماتي. وإني لا أبتغي ذلك المبلغ الذي يعطى لطلبة الدراسات العليا، ومستعد أن أعطيهم ضعفه، وإنما غايتي هي طلب العلم، والدعوة إلى الله عز وجل. وكنت قد نويت إن حصلت على الماجستير أن أستقيل من وزارة الكهرباء بعد أن أضمن تعييني في وزارة التعليم العالي. فما حكم شهادتي العلمية(الماجستير في أصول الفقه) إن حصلت عليها, وها أنا قطعت شوطا في الدراسة والبحث (أكثر من سنتين). فهل التوبة وحدها تكفي أم ماذا أفعل؟ فهل أخبر وزارة التعليم ودائرتي وأتحمل كل النتائج ولعلهم يعفون عني؟ وهل يمكنني إرجاع المال من غير أن يشعروا كأن أشتري به كتبا وأهديها إلى مكتبة الكلية؟ أريد جوابا شافيا وافيا وجزاكم الله خيرا .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قمت به من التحايل على شرط هذه الكلية بإخفائك عنها كونك موظفا، عمل لا يجوز؛ لأنه في حقيقة الأمر كذب، ولأنه بعد ذلك تحايل وتملص من شرط وضع لتحقيق مصلحة العمل، فالالتزام به مطلوب. وراجع لذلك الفتوى رقم: 58883 .
ثم ما أقدمت عليه بعد ذلك من أخذك لمنحة الكلية بوصف يخالف شرطها، عمل لا يجوز أيضا، ولا يسوغه ولا يبرئ منه ما تعللت به من عذر، ومثله إخفاؤك لحقيقة الأمر عن دائرتك التي تعمل بها، وتحايلك على شرطها أيضا.
والواجب عليك في تصحيح هذا المسلك أمور هي كالتالي:
1 - أن تتوب إلى الله تعالى من هذه التجاوزات توبة مستوفية شرائط القبول من ندم على ما فات، وإقلاع عن الذنب، وعزم على عدم الإلمام به فيما بقي من العمر.
2 - ما أخذته بغير شرطه لا تبرئك منه التوبة مجردة، بل لا بد من رده إلى جهته، أو التحلل ممن يملك الإذن فيه، لكن عند رده لا يلزمك الإخبار بحقيقة ما فعلت بل الستر على النفس أولى؛ وراجع في ذلك الفتوى رقم: 198929 .
3 - عند إرجاع هذا المال ترجعه نقدا مثل ما أخذت، ولا تشتر به كتبا للمكتبة ولا غيرها. وإذا تعذر رد هذا المال، أو علمت أنك إذا رددته إلى المسؤولين في جهة العمل لا يضعونه في محله، فلتنفقه في مصالح المسلمين العامة، ولا بأس عندئذ أن ينفق في شراء كتب يستفيد منها طلاب الكلية .
4 - لا يجوز لك الاستمرار في هذا التحايل, وعليك أن تصلح وضعك الدراسي والوظيفي وفق بنود العقد والشروط المرعية، متوخيا السبل والوسائل التي لا تلحق بك ضررا فادحا.
والله أعلم.