عنوان الفتوى : المحاذير من تحول علاقة الحب المحمودة إلى محبة مذمومة

مدة قراءة السؤال : 6 دقائق

يا شيخنا: سأطيل في الحديث لكي ‏يكون كل شيء متضحا، فاعذروني. ‏ لي صديقة بل أخت، وتوأم روحي. ‏أحبها كثيرا كثيرا، هذه رابع سنة لنا ‏سويا، وعلاقتنا اشتدت خاصة هذه ‏السنة، ربما لأنها آخر سنة لها معي ‏بهذا البلد، فأصبحت أكلمها ليلا ‏ونهارا وكل حين ! أغلب وقتي معها ‏وهي بجانبي بالفصل، ونحن طالبتان ‏في الصف الأول الثانوي ! علاقتنا ‏مبنية على الحب في الله، وأدعو دائما ‏بأن يجعلها صداقة وأخوة في الله ‏تشفع لنا لا علينا يوم القيامة، وأن ‏يجمعنا بجناته. أسلوبي مع صديقتي: ‏كلام مدح، ومواساة وغير ذلك ! حين ‏تحزن أشعر بأن قلبي يضطرب ! ‏وأريد أن أفعل أي شيء يسعدها ! ‏وحين تفرح أفرح معها. شيء طبيعي ‏‏! وتنصحني بالخير والدين، والاجتهاد، ‏وأنا أيضا أنصحها وأحاول أن أبعدها ‏عن كل حرام قد تقع فيه.‏ وقبل شهر تقريبا فتحت في *موقع ‏تويتر* حسابا خاصا باسمها أمدحها ‏فيه، وأدعو لها وهي تعلم بهذا الأمر ‏ويسعدها جدا. وهذا الأمر متداول ‏جدا في موقع تويتر أن يفتح أحدهم ‏حسابا باسم صديقه الأعز أو ما شابه. بالمدرسة نمشي وكلانا تمسك بيد الأخرى، وتحزن إن تركتها، ‏وأنا أيضا أحزن إن تركتني بالمدرسة ‏‏! لا أقول لا تذهبي مع غيري، لكن ‏أقول لا تذهبي مع غيري دون أن ‏تأخذيني معكم، وهي نفس الشيء ! ونقول لبعضنا: أحبك، واشتقت إليك، ‏وأنت سعادتي ومن هذا الكلام ! ‏بالغالب ليس وجها لوجه؛ لأنني ‏خجولة بهذه الأمور وجها لوجه، لكن ‏بالإنترنت ! وأنا لا أقصد بها شيئا ‏سوى أنني حقيقة اشتقت إليها، وأحبها ‏حقا كأخت وصديقة، وكجزء من ‏عائلتي وهي كذلك، نحن مبتعثتان مع ‏أهالينا بدولة أوروبية، وخففنا على ‏بعضنا بعلاقتنا فراغ هذه الغربة، ‏لذلك نحن متعلقتان ببعضنا كثيرا يا ‏شيخ؛ لأنني وجدت فيها وطنا ‏يحويني في هذه الغربة ! لي صداقات ‏غيرها ولها صداقات غيري، ولنا ‏صديقات بالمدرسة، ونحن دائما معهم ‏لسنا لوحدنا، وهذه آخر سنة لها مع ‏أهلها في هذه الدولة؛ لذلك أشتري لها ‏الكثير من الهدايا وبدون مناسبة سوى ‏أنني أريد أن تكون لها ذكرى مني ‏حين تعود لديارها، وأضمها ‏بالمدرسة، وأقبلها على خدها أيضا، ‏لكن يشهد الله أنني لم أقبلها يوما ‏بشهوة، أو بتفكير غير سليم، سوى ‏أنني أحبها كأخت لي، وهذا الشيء ‏ليس بالغريب بين الأخوات ! لكنني ‏فكرت بالأمس وأحزنتني هذه ‏الأفكار ! فكرت وقلت هل يجوز لنا ‏أن نتكلم مع بعضنا بهذه المصطلحات ‏دائما حتى وإن كانت نيتنا صافية، ‏ويشهد الله على ذلك؛ لأنني دائما ‏أمدحها ودائما تمدحني، ولكن ليس ‏لشكلنا ! أبدا لم أنظر لها من هذا ‏الجانب وهي أيضا ! أعني أعلم بأنها ‏جميلة لكن لم يشدني هذا الشيء لها، ‏ولم أشعر يوما أن له أقل علاقة ‏بمحبتي لها ! أي مثلا أقول أحبك، ‏وما شابه لا أقصد مصطلحات بذيئة ! ‏وأيضا هي تغار علي ! وأنا أيضا ‏أغار عليها، لكن ليس معنى الغيرة ‏بأنني أريدها لي وحدي ! لكنني أغار ‏أن تتعمق بصداقة مع غيري فتأخذ ‏إحداهن مكاني بقلبها، وهي أيضا هذا ‏تفكيرها، وتسعد عندما أقول إنني لم ‏أكلم غيرها، صداقتنا ليست هذه ‏الأشياء فحسب، فنحن نتحدث ونلعب، ‏ونضحك على أشياء أخرى ككل ‏الصداقات، لكنني أستفسر عما وقع ‏بنفسي الشك منه؛ حسنا ما أخاف ‏منه ليس أن نقع بالحرام، أو أن يتغير ‏تفكيرنا فيصبح بيننا حب وإعجاب ‏محرم ! أي سحاق عافانا الله ! لا أنا ‏أقصد أن ما أخاف منه هو طبيعة ‏علاقتنا الآن ! أضمها، وبيننا كلام ‏حب لكن بقصد الأخوة والله، ونريد ‏أن تستمر صداقتنا إلى أن نشيب ‏ونحكي لأطفالنا عنها، وإلى أن ‏يجمعنا ربنا في جنة الفردوس ‏جارتين متحابتين ! أحببتها لأخلاقها، ‏واهتمامها بي، وصفاء قلبها، وطيبة ‏قلبها وبياضه، ولأنها لا تحقد على ‏أحد مهما فعل، ولا تكره أحدا، ‏ولأنها ديّنة، وتخاف الله، والكل يعلم ‏بأخلاقها الجميلة، ويحبونها جدا و‏يمدحونها ! حتى مدير مدرستنا يقول ‏إنها *نشمية وبنت رجال* وهي ‏خجولة أيضا، وعاقلة، وكلتانا ‏مجتهدة بالدراسة، لست أقل منها، لا ‏أقصد المدح أعني أنني أيضا لي ‏نصيب من ما رزقها الله، وكله من ‏فضل ربي. ‏ ادعُ لنا يا شيخ بأن يمد علاقتنا إلى أن ‏نلتقي وإياكم بجنات عدن، وأن ‏يجمعنا دائما وأبدا على الحب في الله، ‏وأن يصلح قلوبنا ويشرح صدورنا ‏ويسهل أمورنا ! ‏ أخشى أنني لم أوصل لكم الفكرة من ‏كثرة كلامي، لكنني أحببت أن أوضح ‏كل شيء. أسألكم: هل علاقتنا وأخوتنا ‏بها شيء محرم يغضب الله أم إنها ‏طبيعية ويجوز هذا؟ وهل هناك شيء ‏مبالغ به فيحرم ؟ ! وأذكركم بأن نيتنا ‏دائما ولله الحمد صافية إن شاء الله . ‏ أشكركم على جهودكم، وأدعو الله بأن ‏يجزيكم خير الجزاء وأن يعينكم على ‏البر والتقوى . وشكر الله لكم.‏

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فجميل أن تكون العلاقة بين المسلمة وأختها المسلمة علاقة محبة في الله تعالى، وما دامتا كذلك فهما مبشرتان بما ورد في النصوص الدالة على فضل الحب في الله تعالى، وما يلقاه صاحبه من الكرامة يوم القيامة، ويمكن الاطلاع على هذه النصوص بالفتوى رقم: 8642 والفتوى رقم: 76411. ومن المشروع إخبار الشخص من يحبه بحبه له؛ كما بينا بالفتوى رقم: 60011. ويشرع أيضا كل ما يمكن أن يقوي هذه المحبة من نشر السلام، والتهادي ونحو ذلك؛ وراجعي الفتوى رقم: 22754.

  وقد توجد آفات أحيانا في هذا الطريق، فيتدخل الشيطان ليحولها من محبة محمودة إلى محبة مذمومة، بحيث يصبح معها نوع من الإعجاب بجمال الصورة والعشق، وسبق أن بينا خطورة ذلك في بعض الفتاوى نحيلك منها على الفتوى رقم: 8424 والفتوى رقم: 20802 وقد ضمنا هذه الأخيرة حكم المعانقة والتقبيل بين الجنس الواحد.

 ولا يمكننا من خلال ما ذكرت أن نقول بأن هذه العلاقة محرمة، ولكن نخشى أن تنزلق إلى شيء من ذلك، فهنالك أمور قد تكون مؤشرات إلى مثل هذا من نحو ما ذكرت، من تقبيلك لها في خدها، وقولك:" لكنني أغار أن تتعمق بصداقة مع غيري فتأخذ إحداهن مكاني بقلبها، وهي أيضا هذا تفكيرها وتسعد عندما أقول إنني لم أكلم غيرها...." فنصيحتنا لكما أن تكونا على حذر، وأن تجتنبا الإفراط في الحب، لئلا يؤدي إلى العشق المحرم، ولمزيد الفائدة بخصوصه راجعي الفتوى رقم: 114909

والله أعلم.

أسئلة متعلقة أخري
استحسان الحب الأخوي ما لم يصل للعشق
معنى أنه لا يحب في الوجود شيء لذاته إلا الله
من أي أنواع المحبة محبة الإنسان نفسه ووالديه وغير ذلك
الفرق بين أقسام المحبوب وأقسام المحبة
فضل وطريق المحبة في الله تعالى
مجاوزة الحد في العواطف حبًّا وبغضًا أمر مذموم
حقيقة الحب في الله ألّا يزيد بالبر ولا ينقص بالجفاء
استحسان الحب الأخوي ما لم يصل للعشق
معنى أنه لا يحب في الوجود شيء لذاته إلا الله
من أي أنواع المحبة محبة الإنسان نفسه ووالديه وغير ذلك
الفرق بين أقسام المحبوب وأقسام المحبة
فضل وطريق المحبة في الله تعالى
مجاوزة الحد في العواطف حبًّا وبغضًا أمر مذموم
حقيقة الحب في الله ألّا يزيد بالبر ولا ينقص بالجفاء
استحسان الحب الأخوي ما لم يصل للعشق
معنى أنه لا يحب في الوجود شيء لذاته إلا الله
من أي أنواع المحبة محبة الإنسان نفسه ووالديه وغير ذلك
الفرق بين أقسام المحبوب وأقسام المحبة
فضل وطريق المحبة في الله تعالى
مجاوزة الحد في العواطف حبًّا وبغضًا أمر مذموم
حقيقة الحب في الله ألّا يزيد بالبر ولا ينقص بالجفاء