عنوان الفتوى : حكم من أفطر رمضان عدة سنوات بغير عذر
لا أتذكر أنني كنت ملتزمًا بالصيام فيما مضى, فقد كنت أعيش في الكويت سابقًا, ولشدة الحر لم ألتزم بصيام أشهر رمضان منذ أن بلغت الحلم, والجهل له دور في ذلك, إضافة إلى أنني تغربت في الخارج للدراسة, ومكثت حوالي سبع سنين, فلم أصم من تلك السنين غير سنتين فقط - والله أعلم - ومن ثم رجعت للأردن والتزمت بالصيام - والحمد لله - وبالتحديد حين كنت في السابعة والعشرين من العمر, أي أن الرمضانات التي لم أصمها 13 رمضان, وأنا حائر في أمري, وأحببت ونويت - بإذن الله - أن أحج هذا العام, وأنا ملتزم بالصلاة - والحمد لله رب العالمين - إلا أن أمر الرمضانات التي لم أصمها هو الذي أحبطني, والشيء الوحيد الذي يصبرني أن الله غفور رحيم, وأحببت أن أعمل المستطاع؛ لكي يرضى ربي عني, وصيامي لكل تلك الرمضانات صعب عليّ, فأشيروا عليّ - جزاكم الله خيرًا -.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأت خطأ عظيمًا, وارتكبت جرمًا جسيمًا بتعمدك الفطر في نهار رمضان، وانظر الفتوى رقم: 111650، ولكن باب التوبة مفتوح أمام كل أحد, لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا تبت إلى الله تعالى توبة نصوحًا تاب الله تعالى عليك, وأقال عثرتك, وغفر زلتك, فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له, فعليك أن تندم على هذا الذنب العظيم، ولا تتم توبتك إلا بقضاء تلك الفترات التي أفطرتها، فإن جهلت عددها فإنك تتحرى فتقضي ما يحصل لك به اليقين أو غلبة الظن ببراءة ذمتك؛ لأن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، وانظر الفتوى رقم: 70806، وهذا كله إذا كان فطرك بغير الجماع.
أما إذا كنت أفطرت بالجماع فتجب عليك الكفارة مع القضاء، وانظر الفتوى رقم: 111609.
ويجب عليك فدية طعام مسكين عن كل يوم أخرت قضاءه في قول الجمهور، واعلم أن هذا التكليف - وإن شق عليك - لكنه أهون من أن تعرض نفسك لعذاب الله وسخطه، فجاهد نفسك على أداء ما أمرت به؛ حتى تصح توبتك, ويقبلها الله تبارك وتعالى، ولا تأثم إن أخرت القضاء لعذر - كمرض أو نحوه - مما يبيح الفطر في رمضان، وأما لغير عذر فلا يجوز لك تأخير القضاء فإنه واجب على الفور، وانظر الفتوى رقم: 52413، واعلم أن من استعان بالله أعانه, ومن جاهد نفسه فيه هداه الله سبله - وفقنا الله وإياك لما فيه مرضاته -.
والله أعلم.