عنوان الفتوى : تراعي المرأة حدود الشرع في تعاملها مع الأجانب، وتجتنب مواطن الريب

مدة قراءة السؤال : 7 دقائق

أشكر لكم هذا الموقع، وردكم على تساؤلاتنا. ‏جزاكم الله عنا خيرا.‏ أنا فتاة في التاسعة عشرة من عمري. أحسن ربي ‏خلقي وخـُلقي، كما أحسن كل شيء خلقه. ‏ وككل شيء نعمة لا بد له من ابتلاء. ومشكلتي أني ‏محط أنظار الجميع، وأخشى أن أسبب لهم أي أذى ‏في أنفسهم. ‏ أنا فتاة عادية جدا، بسيطة الملامح، لكن ‏شخصيتي تلقائية وعفوية إلى حد بعيد، من ينظر ‏إلي يعتقد أن ملامحي تبتسم تلقائيا.‏ لاحظت نظرات غريبة صامتة في أعين كل من ‏حولي، وقد تطول أحيانا بدون أي كلمات، ولكن ‏يصلني من خلالها من المعنى الكثير. ‏ لم أكن أصدق ما أراه من أشخاص لهم عندي ‏أقصى تقدير واحترام، فأرحل عن المكان ‏بكرامتي وأعود إلى منزلي أبكي دموعا كثيرة من ‏مكانة أشخاص سقطت في نظري، حتى إني ‏صرت أخشى النظر في عيون الآخرين كي لا ‏أرى ما لا يسرني رؤيته تجاهي.‏ ووجدت أن وجودي يسبب أذى للموجودين، وكل ‏من يتعامل معي من قرب لا بد وأن يندم لذلك، ‏ويتركني ويرحل ولم أكن أعرف لذلك سببا !‏ الجميع حتى أقرب الأقربين لي من الأشخاص ‏الذين أريد وجودهم في حياتي، كلما تقرب مني ‏شخص *سواء صديقة أو قريبة أو حتى معلم أو ‏معلمة* لا بد وأن يصيبهم من المشاكل الكثير ‏لمجرد أني شخص مقرب إليهم. ‏ وتم التصريح لهم بذلك، ومزقت قلبي معلمتي ‏ببكائها وما سببوه لها من أذى وتحويلها للتحقيق ‏لمجرد أنها رفضت أن تسمح بالغش بناء على ‏طلب مني أن تكون مراقبة بحق وليس مجرد ‏مراقبة شرفية، والآخرون بحرية وعلى خطأ.‏ صدمت مما حدث، ومواقف عدة حدثت واستمرت ‏ولا أدري ماذا أفعل حيال ذلك؟ وكلما انضممت إلى مجموعة دراسية أو تجمع ‏بالجامعة مختلط أجدني محط أنظار عدد غير قليل ‏منهم، والحمد لله مشهود لي بالاحترام والتقدير ‏وسطهم، ولكني لا أتحدث مع أحد إلا فيما يفيد ‏وفي حدود الضرورة وفقط، ولكني وجدت أن ‏حضوري له معنى آخر في هذا المكان، ويتعمدون ‏إبراز أفضل ما فيهم لدرجة غريبة، وغيابي يؤثر ‏عليهم سلبا، فخشيت أن تتغير نيتهم في الحضور، ‏فتخليت عن المجموعة وانضممت لأخرى، فحدث ‏مثل ذلك، وتطور الأمر إلى ضرب أحدهم لمجرد ‏أني علقت على كلامه إنها إجابة جيدة وفقط. ‏فتركت كل شيء ومكثت أدرس بمنزلي. وناقشني ‏أستاذي في ذلك، وأنه يريدني أن أعود لأنهم ‏يفتقدوني كثيرا، وهذا ما أخشاه دوما وأتهرب منه.‏ وتكرر الأمر كذلك بالجامعة، وتعلق بي زميلي ‏الملتزم أخلاقيا في صمت، وحين حاول ‏مصارحتي برغبته في الارتباط بي فعليا، صددته ‏بكل ما أوتيت من قوة ولا أعرف لماذا ! ‏ لم نكن نتحدث إلا في أمور الدراسة والسياسة، أو ‏معلومات نتبادلها وفقط للضرورة، ولكن حين ‏ناقشني في أمور عن شخص كان من صميم عملي، ‏فناقشته وداخلي شيء من الخوف أني الشخص ‏المقصود، وحاولت طرد تلك الأفكار من رأسي، ‏ولكن اتضح ذلك، ونهرته بشدة حين صارحني، ‏وأني كنت أعتبره شخصا محترما، ولكنه كان ‏يفكر في اتجاه آخر، وأن مكانته عندي يفضل أن ‏يرحل قبل أن تتدهور. ‏ كل ذلك نابع من خوفي من أن أكون على خطأ، أو ‏يقال ما لا يسرني سماعه في الحرام، وهو بنفسه ‏ابتعد وأخبرني أنه كان مخطئا لمصارحتي بذلك، ‏ولا ينبغي أن يحدثني، ورحل كي لا يفعل حراما ‏أو يقول حراما. ‏ ولكن قبل رحيله أخبرني أنه نادم على معرفتي ‏وأني حدثته من الأساس، وأنه كان شخصا ملتزما ‏قبل معرفتي، واضطرب كثيرا بسبي فأخبرته أن ‏يعتبرني مجرد ابتلاء أو اختبار من الله لإيمانه، ‏وأنه سيقابل في حياته أشخاصا كثيرين لا بد وأن ‏يعتبر منهم وفقط.‏ وعند ما كنت أناقش صديقتي المقربة بذلك، وكنت ‏قد أخبرتها أن شخصا حاول التقرب مني، فأخبرتني ‏أني صرت جزءا من حياته ويصعب عليه رحيلي. ‏ وكنت قد أخبرته أني مريضة في قلبي وقد أموت ‏في أي لحظة، فلا أصلح لأن أكون زوجة *قلت ذلك ‏لأنفره مني، مع العلم أن مرضي ليس خطيرا بل ‏يمكن التعايش معه* فأخبرني أنه متقبل لي كما أنا ‏وسيبقي معي حتى أشفى، وإن احتجت أي شيء ‏سيرسله لي ولو بالبريد فقط لأكون بخير.‏ المشكلة معي أنا وليس مع أي شخص آخر. أشعر أني أفتن كل من يعرفني في نفسه، ولا ‏أطيق أن أجلس في مكان أعلم أن منهم من يراقبني ‏في صمت. ‏ لا أعرف ماذا أفعل ؟ أخشى أن يقترب مني أي ‏شخص، وتعبت من نظراتهم الطويلة الصامتة إلي ّ ‏حتى بعد ارتدائي النقاب. ‏ لكنى لا أستطيع تقبل أي منهم زوجا.‏ أنا أعلم أن الإسلام دين رحمة، ودين محبة، ولا ‏رهبانية فيه، وعاجلا أم آجلا إن شاء الله مصيري ‏الزواج يوما، ولكني لا أستطيع التغلب على خوفي. ‏ هل تعلقهم بي له ذنب يقع علي ّ؟ علما أن ‏لبسي يجمع بين البساطة والأناقة، والاحتشام، ‏والالتزام بكل مواصفات الزي الشرعي، وليس فيه ‏ما يلفت، ولكن شكله العام لطيف ومقبول. ‏ هل أنا على خطأ في إبعاد كل من يتقرب مني أو ‏يخطبني ؟ أنا جد خائفة من أن يصيبهم ضرر بسببي، كما ‏حدث مع معلمتي وغيرها، وكما حدث مع زميلي.هذا الزميل كان الشخص الوحيد الذي أحس بي ولم ‏ينظر لي نظرة شفقة على مريضة، وزاد في ‏نظري كثيرا، وقد أتقبله إذا عاود طلب خطبتي من ‏جديد. أعتذر بشدة على إطالتي .جزاكم الله خيرا.‏

مدة قراءة الإجابة : دقيقتان

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فقد احتاط الشرع في علاقة الرجل بالمرأة الأجنبية، ووضع لها حدوداً وآداباً تضمن العفة، وتحافظ على طهارة القلوب وتسدّ أبواب الفتن، ولا ريب في أن الاختلاط الشائع اليوم في المدارس والجامعات أمر منكر يجرّ إلى المجتمع كثيراً من البلايا والفتن ويفتح أبواب الفساد والشرور، فالواجب اجتناب هذه الدراسة المختلطة، لكن إذا لم يجد الشباب بدا من الدراسة في الجامعات المختلطة، فعليهم مراعاة أحكام الشرع وآدابه. فمن ذلك غض البصر، واجتناب الخلوة المحرمة، وترك الكلام بغير حاجة؛ وراجعي الفتوى رقم: 2523، والفتوى رقم: 56103
وعليه، فالواجب عليك مراعاة حدود الشرع في تعاملك مع الرجال الأجانب، واجتناب مواطن الريب ولا سيما الكلام بغير حاجة معتبرة كالكلام في السياسة وغيرها؛ وراجعي الفتوى رقم: 136661
وإذا لم يكن منك تفريط في هذه الحدود، فلا حرج عليك بعد ذلك فيما يحصل من افتتان البعض بك أو تعلقهم بك.
وينبغي عليك ألا تستسلمي لمشاعر الخوف من الزواج، واحذري من التمادي في رد الخطاب دون مسوغ، فإنه مسلك غير مأمون العواقب؛ وانظري الفتوى رقم : 104869
وإذا كان هذا الشاب الذي يريد خطبتك صاحب دين وخلق، فالأولى أن تقبلي به إذا تقدم إليك بعد استخارة الله عز وجل؛ وللفائدة ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.
 

والله أعلم.