عنوان الفتوى : كيف يتصرف من قوانين بلده لا تسمح بإبطال التبني
أنا ُمتَبَنَّى من قِبل عمتي وزوجها، لمدة أربعين سنة، وقد تم تغيير لقبي الأصلي، الآن وبعد أن تبت إلى الله عز و جل لم أشأ أن يبقى الوضع على ما هو عليه، حيث أردت أن أرجع لقبي الأصلي وذلك ابتغاء مرضات الله، وبعد أن تشاورت مع من أنجبني، ومن تبنياني لقيت منهما استعدادا كاملا لذلك والحمد لله، حيث إنهما لم يكونا يدركان مدى خطورة الجرم الذي ارتكباه، خاصة وأن المفتي في ذلك الوقت أباح لهما ذلك، الآن وبعد أن أدركا حقيقة الأمر طلبا مني التوجه إلى المحكمة مع مدِّي بالوثائق اللازمة لإلغاء التبني وإرجاع اللقب، وقد أصبحا شديدي الحرص على ذلك لتفادي غضب المولى سبحانه وتعالى ـــ ولكن عند ذهابي إلى المحكمة كانت الصدمة الكبرى حيث أخبروني بأنه لا يمكن رفع قضية؛ لأنه لا إلغاء للتبني في القانون التونسي. وعند ما قابلت القاضي في مكتبه لمزيد الاستفسار قال لي نفس الكلام، كما أضاف وأنه على حد علمه قُدمت سابقا ثلاث قضايا في هذا الشأن وكان مصيرها الرفض. فما هو الحكم الشرعي في دولة تعتمد قانونا وضعيا لا يتماشى مع الشريعة؟ وهل أرفع قضية حتى وإن خسرتها لتكون حجتي أمام السميع العليم؟ وما مصير والداي خاصة وأنهم هم من اقترفوا الذنب، ولكن هل تكفي التوبة دون التمكن من إلغاء التبني من الطمع في مغفرة من الله ورضوانه ؟ أفيدوني جزاكم الله ألف خير وجعله في ميزان حسناتكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزادكم الله على الخير حرصا، وغفر لكم وعفا عنكم، ولا شك في حرمة التبني الذي أبطله الإسلام.
جاء في (الموسوعة الفقهية): حرم الإسلام التبني، وأبطل كل آثاره، وذلك بقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4) ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب: 4، 5] ... وبذلك أبطل الله نظام التبني، وأمر من تبنى أحدا ألا ينسبه إلى نفسه، وإنما ينسبه إلى أبيه إن كان له أب معروف، فإن جهل أبوه دعي (مولى) (وأخا في الدين) وبذلك منع الناس من تغيير الحقائق، وصينت حقوق الورثة من الضياع أو الانتقاص. اهـ.
ومن فعله وهو جاهل بالحكم الشرعي، فنرجو أنه لا إثم عليه، وعليه أن يسعى في إبطاله في الأوراق الرسمية إن أمكن. فإن لم يمكنه ذلك ـ كما في بلد السائل ـ فعليه أن يجتهد في تدبير الأمر كي يتخلص من المحاذير الشرعية المترتبة على التبني، كالميراث واختلاط الأنساب، والمحرمية، خاصة إذا كان لعمتك بنات، وأن يكتب وثيقة بذلك ويشهد عليها.
وراجع الفتويين: 105408، 51111.
والله أعلم.