عنوان الفتوى : الوفاء بالوعد بين الوجوب والاستحباب
أحد الأشخاص ذهب مع أحد تجار الغنم إلى أحد أصحاب الغنم لشراء غنم منه، ووعده التاجر بأن يبيعه شاة من الغنم في حال شرائه من صاحب الغنم, وبالفعل اشترى التاجر ست شياه, وعندما أراد أن يبيع لهذا الرجل الذي دلّه الشاةَ التي وعدها إياه طلب منه أن يبيعه ثلاث شياه لا واحدة، وحصل خلاف بينهم, وانتهى بأن خيّره التاجر بين أن يأخذ الغنم الست ويربحه عليها خمسون دينارًا، أو أن يعطيه التاجر خمسون دينارًا مقابل تنازله عما وعده به، فهل يجوز ذلك؟وبعبارة أخرى: هل يجوز دفع المال للموعود لقاء تنازله عن إنجاز وعده؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوفاء بالوعد مستحب عند جمهور أهل العلم، وذهب المالكية إلى أنه إن كان الموعود دخل بسبب الوعد في شيء يناله ضرر بالتراجع عنه فإنه يجب الوفاء به، وهذا القول أقرب إلى مقاصد الشرع.
وعلى هذا القول فإن لم يفِ صاحب التاجر بالوعد وشراء الشاة, وكان تراجعه عن وعده يؤدي إلى ضرر بالتاجر, فمن حقه طلب التعويض عن الضرر الواقع فعلًا، وليس له مطالبته بأكثر من الضرر الفعلي, وراجع في بيان ذلك الفتاوى أرقام : 4984، 12729، 44575.
وأما إلزام التاجر لصاحب الوعد بأن يشتري منه الشياه كلها أو يعوضه خمسين دينارا عن وعده فهذا لا يجوز؛ لأنه لم يعده بشراء الشياه كلها, ولأنه ليس له مطالبته عند عدم الوفاء بالوعد بأكثر من الضرر الفعلي الذي لحقه, ولم تذكر في السؤال أنه لحقه ضرر بسبب الوعد, وإذا كان لحقه فما هي قيمته الفعلية؟ وهل هي أقل من الخمسين أم أكثر؟
والله أعلم.