عنوان الفتوى : عذاب القبر لمستحقه لا يتوقف على الحساب الأخروي
مذهب أهل السنة أن عذاب القبر يكون للجسد والروح، ولكن كيف يعذب الإنسان ولم يحاسب ولم تقم عليه الحجة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عذاب القبر ثبت بعدة نصوص قد قدمنا بعضها في الفتوى: 2112.
وأما الحساب، فإنه يكون يوم القيامة؛ كما قال الله تعالى: وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ {ص:16}، وقال: يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ {ص:26}، وقال: هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ {ص:53}، وقال تعالى: وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ {غافر:27}.
والله تعالى لا يعذب الناس إلا بعد قيام الحجة عليهم ببلوغ الرسالة؛ كما قال تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً [الإسراء:15]. ومعنى قيام الحجة هو بلوغ الإسلام إلى الشخص وتمكنه من العلم به، كما قال ابن القيم: فإن حجة الله قامت على العبد بإرسال الرسل وإنزال الكتب وبلوغ ذلك إليه، وتمكنه من العلم به سواء علم أو جهل، فكل من تمكن من معرفة ما أمر الله به ونهى عنه فقصر عنه ولم يعرفه، فقد قامت عليه الحجة، والله سبحانه لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه. انتهى من مدارج السالكين.
فمن قامت عليه الحجة، وارتكب ما يعذب عليه في قبره، عذب، كما دلت النصوص، ولا يتوقف ذلك على الحساب الذي يكون يوم القيامة.
والله أعلم.