عنوان الفتوى : استخار لشراء شقة وارتكب معاصي ولم يتسير شراؤها.. فهل السبب المعاصي
أقبلت على شراء شقة وبدأت أستخير، وبدلاً من الاستمرار في الاستخارة ارتكبت المعاصي المحرمة، وأعدها من الكبائر، وبعدها لم تتيسر لي الشقة، فهل حرمت الشقة بسبب المعاصي؟ أم أن الرزق الذي يحرمه العبد بسبب المعصية هو من المصائب المقدرة علينا؟ وهل لو لم أرتكب المعصية كان من الممكن أن تتيسر لي الشقة؟ أنا أعرف أن الرزق مضمون ومقسوم وما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك... فأرجو الرد.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تأثير المعاصي على رزق العبد بنقصه، أو نزع البركة منه أمر ثابت بالسنة النبوية، فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم كما في حديث ثوبان: إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه. رواه الحاكم في المستدرك.
قال ابن رجب الحنبلي في جامع العلوم والحكم: وربما حرم الإنسان رزقه أو بعضه بذنب يصيبه.
غير أنه لا يمكن القطع أن عدم تيسير شراء هذه الشقة بسبب هذه المعاصي التي ارتكبت، بل قد يكون لسبب آخر يعلمه الله تعالى وتجهله أنت، وقد يكون ثمرة لهذه الاستخارة، لأن من آثار الاستخارة: انشراح الصدر لفعل الأمر الذي تمت الصلاة لأجله، أو الانقباض منه وعدم الإقبال عليه، وقد لا يكون شراء هذه الشقة خيرا لك ولو كنت تحبه، فمجيء الأمر على خلاف ما يتمنى المستخير ويهوى لا يدل على أنه لم يكن هو الخير، وقد قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة: 216}.
وأيا كان الأمر فإن عليك أن ترضى بما قسم الله لك، وتقلع عن ارتكاب المعاصي وتتوب إلى الله مما كان منك.
والله أعلم.