عنوان الفتوى : مدى دخول الجراحات في حديث: لزوال الدنيا أهون على الله من سفك دم...

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لزوال الدنيا أهون على الله عز وجل من سفك دم مسلم بغير حق. وروي بلفظ : لهدم الكعبة حجراً حجرا أهون من قتل مسلم.هل هذا الحديث يشمل [ الجرح ] و ليس [ القتل ] كأن مثلا تجرح أخاك المسلم بظفرك مثلاً، لكني قبل فترة كان عندي مثلث هندسي [ بلاستيك ] و انكسر وأخذه طفل أخي يلعب به دون أن أنتبه له [ مع إهمال مني حيث وضعته على الكنبة دون رفعه ] ثم رماه على منطقة يمشي بها حارس العمارة ، لكني لم أنبه حارس العمارة عليها ، و لربما مشى عليها و جرح ، فهل علي أن أذهب و أسأله إذا جرح من هذه البلاستيكة .!؟

مدة قراءة الإجابة : 20 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد بينا رتبة الحديث المذكور في الفتوى رقم : 68280، وخلصنا فيها إلى أن معناه صحيح  

وسفك الدم في اللغة يعني صبه وإراقته وهويصدق بالقتل وبالجرح أيضا ، وكلاهما محرم بغير حق شرعي لا سيما في حق المسلم ، وإن كان القتل أعظم من الجرح ، ولم نجد من شراح الحديث من ذكرأن سفك دم المسلم الوارد في الحديث المذكور يشمل جرحه ، أو يخص قتله  لكنهم فسروا سفك دم المسلم بقتله في بعض الأحاديث والأثار الأخرى ، وقد جاءت الرواية الصحيحة بلفظ . أهون عند الله من قتل مؤمن ، فكأنها مفسرة للرواية الأخرى فيما يبدو، ففي سنن ابن ماجه في باب التغليط في قتل مسلم  والنسائي والترمذي وصححه الألباني . أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق. ولذلك يستدل به المفسرون عند تفسير آية النساء وهي قوله تعالى : وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (النساء:93) قال ابن كثير عند تفسير الآية المذكورة : والآيات والأحاديث في تحريم القتل كثيرة جداً فَمِنْ ذَلِكَ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ الناس يوم القيامة في الدماء»، وفي حديث آخر: «لزوال الدنيا أهول عِنْدَ اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ» . انتهى                                                                                                                                                وفي إرشاد الساري بشرح صحيح البخاري عند شرحه  ما روى البخاري عن ابن عمر روي موقوفا :
إِنَّ مِنْ وَرَطَاتِ الأُمُورِ، الَّتِي لاَ مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا، سَفْكَ الدَّمِ الحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ» . قال :والمراد بالسفك القتل بأيّ صفة كانت لكن لما كان الأصل إراقة الدم عبر به ، وفي الترمذي وقال حسن عن عبد الله بن عمر: وزوال الدنيا كلها أهون عند الله من قتل رجل مسلم. انتهى
وفي سنن أبي داود والأدب المفرد من . حديث حَدْرَدُ بْنُ حَدْرَدَ الْأَسْلَمِيُّ، : أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كسفك دمه : صححه الألباني  قال في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح : السَّفْكُ الْإِرَاقَةُ وَالصَّبُّ يَعْنِي مُهَاجَرَةُ الْأَخِ الْمُسْلِمِ سَنَةً تُوجِبُ الْعُقُوبَةَ، كَمَا أَنَّ سَفْكَ دَمِهِ يُوجِبُهَا فَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالسَّفْكِ مِنْ حَيْثُ حُصُولُ الْعُقُوبَةِ بِسَبَبِهَا لِأَنَّهَا مِثْلُهُ فِي الْعُقُوبَةِ لِأَنَّ الْقَتْلَ كَبِيرَةٌ عَظِيمَةٌ لَا يَكُونُ بَعْدَ الشِّرْكِ أَعْظَمُ مِنْهُ، فَشُبِّهَ الْهِجْرَانُ بِهِ تَأْكِيدًا فِي الْمَنْعِ عَنْهُ،. انتهى وفي الحديث : أفْضَلُ الشُّهَداءِ مَنْ سُفِكَ دَمُهُ وَعُقِرَ جَوَادُهُ . رواه الطبراني عن أبي أمامة  وصححه الألباني. 

                                                                                                                                                    ، وخلاصة القول أن تعمد جرح المسلم بغير حق شرعي وأولى قتله أو إلحاق أي أذى به على أي وجه كان أمر محرم شرعا ، فإذا كنت لم تتعمد وضع المثلث المذكور في مكان مرور الحارس فلا شيء عليك فيما قام به الطفل من إلقائه به دون علمك ، وعند العلم بذلك فكان عليك أن تزيله أو تخبرالحارس به ليأخذ منه حذره إذا علم أوغلب على الظن أنه سيتضرر به لأن إماطة الأذى عن الطريق قد تجب في بعض الأحوال كما سبق بيانه في الفتوى رقم : 150075، وإن علم أنه لا يتضرر به فلا تطالب بإزالته ولا بالإخباربه لعدم خوف الضرر،  لكن إماطة الأذى عن الطريق  مستحبة على كل حال ،  ولست مطالبا بالذهاب إليه وسؤاله عما إذا كان جرح أم لا.                                               

 والله أعلم.