عنوان الفتوى : حكم دفع عمولة للفوز بالمناقصة
نحن أربعة شركاء، لدينا شركة حاسب آلي لبناء وتطوير البرمجيات. لدي ثلاثة استفسارات: الأول: أتى أحد الأشخاص يعمل بالأمانة وأخبرنا أنهم بحاجة ماسة لبرنامج لأن لديهم مشكلة في داخل الأمانة ويريدون حلها، فأخبرناه أنه يمكننا أن نعمل البرنامج، ولكن المسؤول له حق العمولة على فكرة البرنامج ( هل هنا تعتبر رشوة أم لا؟) الثاني: نحن لدينا أفكار ومشاريع، وعندما نقدمها للمؤسسات الحكومية نكون بين ثلاث خيارات: الأول: أن البرنامج يمكننا {تقدميه} بدون أي دفع. الثاني: أن البرنامج لا يمكن التوقيع عليه والموافقة إلا إذا كان الرجل المسؤول أخذ نسبة من المال 3 في المئة على سبيل المثال، أو لا تتم الموافقة عليه ومن ثم سرقته وإعطاؤه لشركة أخرى للقيام به. الثالث : أن المسؤول يخبرك أننا سنعمل مناقصة وأنا صاحب الفكرة، وبالتالي يأتون بشركة أخرى من تحت الطاولة وتفوز بالمشروع ونحن هم من قدم الفكرة، ونعلم أنه لم يأت أحد من هذه الشركات لعمل مثل هذا المشروع. سؤالي: هل في حالة الدفع تعتبر رشوى أم لا علما أننا نحن أصحاب الفكرة ؟ الثالث : نحن في الشركة اثنان منا لديهما عمل البرامج {والآخرين} عليهم التسويق. هل إذا جاء المسوقون وأخبرونا أن هناك مشروعا نريد كذا وكذا، ونعمل لهم المشروع ونحن {متعمدين} أننا لا نعلم الطريقة التي أتوا بها بالمشروع. هل إذا عملنا لهم المشروع ونحن لا نعلم الطريقة التي سيعتمد عليها في المشروع (سيدفعون للمسؤولين أم لا ) هل نحن الاثنان سليمان من الرشاوى، وهذان الرجلان هما من يتحمل الإثم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنجمل الجواب عن سؤالك في نقاط ثلاث وفق تقسيمك للسؤال :
أولا: دفع العمولة لمسؤول الشركة مقابل اتفاقه معكم على البرنامج لا يجوز لأنه رشوة وغلول، حيث إن ذلك المسؤول وكيل عن شركته أويملك صلاحيات فيها تمكنه من فرض عمل البرنامج لدى من يرغب، وهو يتقاضى عن عمله في الأمانة راتبا، فلا يجوز له أخذ عمولة عليه دون إذن جهة عمله، وبناء عليه فيحرم بذل العمولة له لأنها رشوة وغلول. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله الراشي والمرتشي والرائش. رواه أحمد عن ثوبان رضي الله عنه. قال: والرائش هو الذي يمشي بينهما.
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استعمل رجلاً من الأزد على الصدقة فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أهدي لي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر يهدى له أم لا. رواه البخاري.
ففي الحديث دليل واضح على أن الهدايا التي تعطى للموظف لإنجاز عمله الذي يتقاضى راتبا عليه حرام.
قال النووي رحمه الله: وفي هذا الحديث بيان أن هدايا العمل حرام.
وروى أبو داود من حديث بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من استعملناه على عمل فرزقناه رزقاً فما أخذه بعد ذلك فهو غلول.
ثانيا: مسألة رشوة المسؤولين الذين تكل إليهم جهات عملهم طرح المناقصات واختيار أفضل من ينفذ البرامج والمشاريع المقصودة لا يجوز أيضا من حيث الأصل لكونه رشوة وتعاونا على الإثم، وقد يترتب عليه في الغالب ظلم جهة المناقصة وأكل مالها بالباطل وكل ذلك محرم، غير أنه لو تعين وسيلة للوصول إلى الحق فلا حرج فيه ويأثم الآخذ لا الدافع، وانظر تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 127802.
ثالثا: الشريك وكيل عن شريكه فيما يتقبله من الأعمال، لكن لو شرطتما عليهما ألا يقبلا رشوة وألا يدخلا في معاملة محرمة وخالفا ذلك من تلقاء نفسيهما دون علمكما فلا إثم عليكما في ذلك ويكون الإثم عليهما .
والله أعلم.