عنوان الفتوى : ما يلزم من عليه فوائت لم يقضها ويشك في وقت البلوغ
جزاكم الله خيرا: أبلغ من العمر الآن 29 عاما ومنذ سن العشرين بدأت بالمحافظة على الصلاة وفروض العبادات، لكن مشكلتي أنني لم أكن أصلي في بداية بلوغي وهذا أمر مؤكد، وأما الصيام فلست أدري إن كنت صمت أم لا لا أتذكر جيدا في الحقيقة, قد أكون صمت تقليدا لأهلي أو مراعاة لما يفعله الناس، وأظن أنني كنت كحال بعض إخوتي الآن يصومون بدون صلاة ولا أذكر إن كنت أفطرت في بعض الأيام ولم أقض، أنا لا أذكر شيئا في الحقيقة فقد نسيت، المهم أنني أردت قضاء ما فاتني وعندما هممت بالقضاء ابتدأت بحساب بداية نزول الحيض علي وهو سن 14 فأردت أن أقضي ما فاتني من هذه السن حتى سن 20، لكن أتى الشيطان فنقض عزيمتي هذه لأنه ذكرني أني قد ظهر لدي الشعر الخشن على القُبل منذ فترة مبكرة قد يكون في سن التاسعة على ما أعتقد أو أنه في الحادية عشر لست متأكدة وأظن أنه في التاسعة، لكن لم أحض في تلك الفترة وكنت طفلة لا أعر ف إلا اللعب حتى الحجاب لا أعرفه ولا الصلاة ولا الصيام ولا شيء من العبادات وأهلي كذلك يرونني طفلة، فحينما تذكرت هذا أشكل علي من أين أبدأ القضاء من سن 9 أظن أن الإنبات كان في سن التاسعة أو الحادية عشر لا أتذكر على وجه التحديد، أو أبدأ من سن 14 وهو وقت أول حيضة حضتها، وحقيقة فإن قضاء مافاتني منذ سن 9أو 11 يصعب علي جدا لأن السنوات تكون بذلك كثيرة جدا والفروض كثيرة جدا جدا كذلك، فهل البلوغ يعتبر بالحيض؟ ثم إن قضاء الصلاة لا إشكال فيه عندي لأني جازمة بأني لم أكن أصلي، لكن الصيام هل أقضيه أم أعتبر أنني قد صمت لأنني أعتقد أنني كنت كما هو حال إخوتي الآن يصومون عن المفطرات بلا صلاة وقد يتخلل ذلك أيام أكون أفطرتها فلم أقضها فكيف أفعل؟ وهل علي إطعام؟ مع العلم أنه ليس لي مصدر دخل وإنما أعيش مع أهلي ووالدي يصرف علي كما يصرف على إخواني وليس لي مال خاص أخرج منه قدر الإطعام فهل يجوز تأخيره حتى أتوظف؟ أنا فعلا في حيرة من أمري فوضحوا لي كيف تبرأ ذمتي؟ وهل مجرد التوبة والإنابة والندم يكفي فيعف الله تعالى عما سبق ولا يطالبنا بقضائه، لأننا كنا على جهل وغفلة شديدة؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في الإنبات هل هو علامة للبلوغ أو لا؟ وعلى القول بأنه علامة للبلوغ فهل يلزمك قضاء ما تركته من صلاة وصوم والحال أنك جاهلة بوجوب ذلك عليك أو لا؟ في هذا خلاف بين العلماء، والذي يختاره شيخ الإسلام رحمه الله هو أن القضاء لا يلزمك، ولا نرى عليك حرجا في الأخذ بهذا القول، وتفصيل ما قدمناه في الفتوى رقم: 174895.
ولو قضيت احتياطا وإبراء للذمة بيقين لكان ذلك حسنا، ومع الاستعانة بالله والتوكل عليه في هذا الأمر سيسهل عليك بإذنه تعالى، ثم إن رأيت أن تحتاطي وتقضي الصلاة والصوم فإن شككت في وقت البلوغ فالأصل عدمه فينسب للوقت المتأخر، وما شككت في فعله بعد تحقق البلوغ فالأصل عدم فعله فلا يحصل اليقين ببراءة الذمة إلا بقضائه، وانظري الفتوى رقم: 175681.
وإن عجزت عن معرفة ما يلزمك قضاؤه بيقين فاعملي بالتحري واقضي ما يغلب على ظنك معه براءة ذمتك، فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وانظري الفتوى رقم: 70806.
ولا يلزمك إطعام إن كنت جاهلة بحرمة تأخير القضاء، وأما إن كنت عالمة بالحكم فعليك مع قضاء الصوم أن تطعمي عن كل يوم مسكينا، فإن عجزت الآن فلا شيء عليك وإنما يلزمك الإطعام عند القدرة عليه، وانظري الفتوى رقم: 123312.
والله أعلم.