عنوان الفتوى : القسم على احترام الدستور

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

شيخي قرأت فتواكم بجواز دخول الانتخابات، ونقلتم كلاما لابن تيمية وابن عثيمين رحمهم الله، وأن الأمر يرجع إلى المصالح والمفاسد وأنها مسألة خلافية فلا أحد يحملها على أنها من أصول الدين. والكلام جميل وطيب, لكن شبهتي يا شيخ أن الواقع اليوم هو أن هؤلاء الذين سننتخبهم من أجل الإصلاح مضطرون إلى الإقرار بالطاغوت قبل أن يبدأوا بعمليات الإصلاح التي ننتخبهم لأجلها ويترشحون لأجلها، وذلك بما أنهم يترشحون وينتخبون عن طريق قانون الديمقراطية(الذي هنا في هذه المسألة يعطي الحق للمسلم والكافر بالانتخاب ويعطي الحق للكافر بالترشيح أيضا وهذا مناقض للشرع) إذ هذا إقرار عملي بالطاغوت وقد أمرنا أن نكفر به كدستور مخالف لشرع الله ولا يحكم غير الله لا بقليل ولا بكثير، والإيمان عندنا قول ونية وعمل. فأنا أرى هنا أن هذا العمل ناقض للإيمان عمليا (يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به) ثانيا بعد أن ينجحوا في الانتخابات يقسمون على الولاء واحترام الدستور الذي يحتوي على بنود تخالف الشريعة كدستور جنكيز خان، وأنا أرى هذا من باب نقض الإيمان قولا (يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفر به) لأن الايمان قول ونية وعمل...يقول السلف: (( لا ينفع قول إلا بعمل ، ولا عمل إلا بقول ، ولا قول وعمل إلا بنية ، ولا نية إلا بموافقة السنة) وهنا يصبح الموضوع عندي بين مفسدتين الأولى عدم الإصلاح وترك الانتخاب، والثانية الإصلاح ولكن مع قول أو عمل فحواهم إقرار بالطاغوت في بعض الأحيان كما ذكرت، وبما أن المفسدة الثانية تحتوي على نوع من أنواع الكفر إذ مفسدته أعظم لأن لا شيء أضر على المسلمين من الإيمان بالطاغوت الذي هو نوع من الكفر. فأنا أرى أن الأمر أصبح أصوليا مرتبطا بالتوحيد والاستمساك بالعروة الوثقى(فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة والثقى ) أرجو إجابتي فقد أشكل علي كثيرا الموضوع ورد شبهتي من كتاب الله والسنة وأفعال السلف إن كانت خاطئة.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فدساتير الدول العربية تنص على أن الإسلام دين الدولة، وبعضها ينص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع. وهذا مدخل واضح لتأوُّل ما يعرف باليمين الدستورية على الإسلام الحنيف. بمعنى أن يكون القسم على احترام دين الدولة ومصدر قوانينها الذي هو الإسلام وشريعته. ومع ذلك فقد زاد بعض النواب عبارة: (في ما لا يخالف شرع الله) لإيضاح مضمون ما يقسمون عليه. وهذا يخرج المسألة عن دائرة الكفر والإيمان، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 173891.
وليس معنى ذلك جواز القسم على احترام ما يخالف الشريعة، فهذا أمر محرم دون قسم، فكيف مع القسم ؟! وراجع في ذلك الفتوى رقم: 175369. ولكن معناه أن من يقسم متأولا نصا دستوريا يسوغ القسم على احترامه، لم يكن مقرا بالطاغوت !! ويتأكد هذا في حق من شارك في هذه المجالس التشريعية رافعا لراية الشريعة، منابذا لأحكام الجاهلية، ساعيا في إزالتها واستبدال أحكام الشريعة بها، فمثل هذا لا يصح أن يُتلى في حقه قول الله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61) [النساء]. فهؤلاء إنما يريدون إزالة حكم الطاغوت لا التحاكم إليه. وإذا قيل لهم: تعالوا إلى ما أنزل وإلى الرسول. قبلوا وأقبلوا وفرحوا واستبشروا وانقادوا وامتثلوا !! بل هم الذين يدعون غيرهم إلى ذلك ويتحملون الأذى في هذا السبيل الشريف.
والله أعلم.