عنوان الفتوى : عذاب القبر من كفارات الذنوب
هل الميت المسلم إذا عذب في القبر يخفف من ذنوبه كما نعرف أن المسلم يعذب بقدر ذنوبه في النار؟ وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن الحق الذي لا مراء فيه أن الله تعالى هو الحكم العدل الذي لا يظلم الناس شيئا، وقد قال سبحانه وتعالى: مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا {غافر:40}. وقال تعالى: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ {الأنعام:160}.
كما يجب الإيمان بأن من مات وهو لا يشرك بالله شيئا فهو داخل الجنة وإن عذب قبلها، ومن مات من أهل الشرك فهو من أهل النار ـ والعياذ بالله ـ فعن جابرـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثنتان موجبتان، قال رجل: يا رسول الله ما الموجبتان؟ قال: من مات يشرك بالله شيئا دخل النار، ومن مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة. رواه مسلم.
ولا يمكن الجزم بتعذيب شخص معين، ولا بالتخفيف عنه، لأن ذلك تابع لمشيئة الله وعدله وفضله، ولشفاعة الشافعين ولدرجة عصيان العاصي، وإصراره على الذنب، ولغير ذلك مما لا علم لنا به، وعلى سبيل العموم فقد ذكر أهل العلم أن ثمت أمورا تكفر الذنوب التي يرتكبها العبد، وذكروا منها عذاب القبر، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوى: قد دلَّت نصوص الكتاب والسنَّة على أن عقوبة الذنوب تزول عن العبد بنحو عشرة أسباب: أحدها: التوبة، وهذا متفق عليه بين المسلمين.
السبب الثامن: ما يحصل في القبر من الفتنة والضغطة والرَّوعة، فإن هذا مما يكفر به الخطايا.
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين: رد الرافضة النصوص الصريحة المحكمة المعلومة عند خاص الأمة وعامتها بالضرورة في مدح الصحابة والثناء عليهم إلى قوله: كفعل إخوانهم من الخوارج حين ردوا النصوص الصحيحة المحكمة في موالاة المؤمنين ومحبتهم وإن ارتكبوا بعض الذنوب التي تقع مكفرة بالتوبة النصوح والاستغفار والحسنات الماحية, والمصائب المكفرة, ودعاء المسلمين لهم في حياتهم وبعد موتهم, وبالامتحان في البرزخ وفي موقف القيامة, وبشفاعة من يأذن الله له في الشفاعة, وبصدق التوحيد, وبرحمة أرحم الراحمين، فهذه عشرة أسباب تمحق أثر الذنوب, فإن عجزت هذه الأسباب عنها فلا بد من دخول النار, ثم يخرجون منها، فتركوا ذلك كله بالمتشابه من نصوص الوعيد.
وانظر للفائدة الفتويين رقم: 120238، ورقم: 15269.
والله أعلم.