عنوان الفتوى : حكم قتل الطيور لمتعة الصيد
أخي قد شرع الرسول قتل الحدأة. هل الحدأة تشمل الصقر والبواشق والحوم وغيرها من هذه الفصيلة؟ هل يجوز قتل الحدأة وهذه الطيور لمتعة الصيد؟ وجدت لكم نص المذاهب الثلاثة في تحريم أكل الصقر وانفراد المالكية في جواز أكل كل الطيور. فهل أستطيع أن أتبع المذهب المالكي في هذه المسألة لأنه إذا كان أكله حلالا فصيد هذه الطيور الذي أجد فيه متعة رائعة حلال أيضا عندها أصطاد ثم آكل. مع علمي بحديث رسول الله الذي نهى فيه عن أكل كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ. أفتوني بارك الله بكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تضمن سؤالك ثلاثة أشياء نجمل الجواب عنها في النقاط التالية :
أولا : قولك هل الحدأة تشمل الصقر والبواشق والحوم وغيرها من هذه الفصيلة؟ وجوابه أن بعض العلماء قد ألحق كل جوارح الطير كالبازي والصقر والشاهين والعقاب ونحوها مما يؤذي بالحدأة والغراب.
قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: يستحب قتل كل مؤذ من حيوان وطير جزم به في المستوعب.. ومما يقتل أيضا: النمر والفهد وكل جارح كنسر وبازي وصقر وباشق وشاهين وعقاب ونحوها..
وقال ابن قدامة في الشرح الكبير: ما كان طبعه الأذى وان لم يوجد منه أذى كالأسد والنمر والفهد والذئب وما في معناه فيباح قتله أيضا ولا جزاء فيه.. فيباح قتل كل ما فيه أذى للناس في أنفسهم وأموالهم مثل سباع البهائم كلها الحرام أكلها وجوارح الطير كالبازي والصقر والشاهين والعقاب ونحوها.
ومثل هذا مذهب الشافعية فإنه لا بأس عندهم بقتل الغراب والحدأة والرخم والنسور.. ) ولذلك فإن الحديث عندهم يشمل جوارح الطير كلها كالصقر والبازي.. قياسا على الحدأة والغراب المنصوص عليهما.
قال ابن قدامة: ولنا أن الخبر نصّ من كل جنس على صورة من أدناه تنبيها على ما هو أعلى منها، ودلالة على ما كان في معناها فنصه على الغراب والحدأة تنبيه على البازي ونحوه.
وذهب الإمام مالك ومن وافقه إلى أن الطير لا يقتل منها إلا ما جاء في الحديث.
قال ابن عبد البر في الاستذكار: قال مالك وأما ما ضر من الطير فإن المُحرم لا يقتله إلا ما سمى النبي صلى الله عليه وسلم: الغراب والحدأة.. ولا أرى له أن يقتلهما إلا أن يضراه، وإن قتل المحرم شيئا من الطير سواهما فداه.. وقال أشهب سئل مالك أيقتل المحرم الغراب والحدأة من غير أن يضرانه؟ قال لا، إلا أن يضرانه؛ إنما أذن في قتلهما إذا أضرا في رأيي، فأما أن يصيبهما بدءا فلا وهما صيد.. "
وبالتالي فعلى القول الأول يلحق ما كان كالحدأة والغراب في الأذية بهما خلافا للقول الثاني .
ثانيا :قولك هل يجوز قتل الحدأة وهذه الطيور لمتعة الصيد فحسب ؟ والجواب عدم جواز ذلك.
قال الخرشي رحمه الله مفصلا ما يجوز قتله من الحيوان مأكولا أوغير مأكول عند قول صاحب المختصر : (وحرم اصطياد مأكول لا بنية الذكاة ) قال الخرشي : يعني أن الحيوان المأكول اللحم لا يجوز اصطياده بغير نية الذكاة، أي ولا نية تعليم بل بلا نية أصلا أو بنية قتله أو حبسه أو الفرجة عليه لأنه من العبث المنهي عنه، ومن تعذيب الحيوان. أما لو اصطاده بنية الذكاة فلا يحرم ومثله نية التعليم. فلو قال المؤلف إلا لغرض شرعي عوض قوله لا بنية الذكاة لأفاده...إلا أن يكون الاصطياد واقعا في حيوان لا يؤكل كخنزير فيجوز بنية قتله وليس من العبث لا بنية غيره كالفرجة عليه فلا يجوز وأدخلت الكاف الفواسق الخمس التي أذن الشارع في قتلها. انتهى.
ومعنى إدخال الفواسق المأمور بقتلها أي أنها كالخنزير فتقتل لدفع ضررها وأذيتها لا لمجرد الفرجة عليها واللعب بها .
وبالتالي فلا يجوز قتل تلك الحيوانات لمجرد اللهو والمتعة.
ثالثا: قولك هل أستطيع أن أتبع المذهب المالكي في مسألة إباحة كل ذي مخلب من الطيرلما بيناه في فتوانا عنهم من إباحتها .
وجوابه أن ما أشرت إليه من تحريم أكل كل ذي مخلب من الطير عند جمهور أهل العلم وإباحته عند المالكية ومن وافقهم صحيح، وانظر الفتوى: 5961.
وأما مسألة العمل بمذهب المالكية في جزئية إباحة أكل كل ذي مخلب من الطير فلا يجوز لأنه من تتبع الرخص إذ الحامل عليه كما ذكرت هو مجرد المتعة وليس اقتناعا بدليله وترجيحا له على غيره، وتتبع رخص العلماء لا يجوز كما بينا في الفتوى رقم: 4145 بخلاف من اطمأن إلى قول عالم لقوة دليله أولعدم رجحان غيره عليه.
والله أعلم.