عنوان الفتوى : هل يبتلى الولد في الدنيا بمعاصي الوالدين؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

هل يبتلى الولد في الدنيا بمعاصي الوالدين؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالقاعدة في الشرع أنّ أحداً لا يؤاخذ بجريرة غيره، قال تعالى :  .. وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى.. الأنعام (164). وعن سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع: ألا لا يجني جان إلا على نفسه، لا يجني والد على ولده، ولا مولود على والده. رواه ابن ماجه.
لكن صلاح الآباء قد ينفع الأبناء، كما أن فساد الآباء قد يكون سببا للبلاء في أولادهم  كما ذكر ذلك بعض العلماء.

قال الهيتميفَالْقِصَاصُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيك أُخِذَ مِنْ ذُرِّيَّتِك، وَلِذَا قَالَ تَعَالَى: {خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ} [النساء: 9] فَإِنْ كَانَ لَك خَوْفٌ عَلَى صِغَارِك وَأَوْلَادِك الْمَحَاوِيجِ الْمَسَاكِينِ فَاتَّقِ اللَّهَ فِي أَعْمَالِك كُلِّهَا لَا سِيَّمَا فِي أَوْلَادِ غَيْرِك، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَحْفَظُك فِي ذُرِّيَّتِك وَيُيَسِّرُ لَهُمْ مِنْ الْحِفْظِ وَالْخَيْرِ وَالتَّوْفِيقِ بِبَرَكَةِ تَقْوَاك مَا تَقَرُّ بِهِ عَيْنُك بَعْدَ مَوْتِك وَيَنْشَرِحُ بِهِ صَدْرُك، وَأَمَّا إذَا لَمْ تَتَّقِ اللَّهَ فِي أَوْلَادِ النَّاسِ وَلَا فِي حُرُمِهِمْ، فَاعْلَمْ أَنَّك مُؤَاخَذٌ فِي ذَلِكَ بِنَفْسِك وَذُرِّيَّتِك وَأَنَّ مَا فَعَلْتَهُ كُلَّهُ يُفْعَلُ بِهِمْ. فَإِنْ قُلْت: هُمْ لَمْ يَفْعَلُوا فَكَيْفَ عُوقِبُوا بِزَلَّاتِ آبَائِهِمْ وَانْتُقِمَ مِنْهُمْ بِمَعَاصِي أُصُولِهِمْ؟ قُلْت: لِأَنَّهُمْ أَتْبَاعٌ لِأُولَئِكَ الْأُصُولِ وَنَاشِئُونَ عَنْهُمْ. {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلا نَكِدًا}. [الأعراف: 58]. {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} [الكهف: 82] . قِيلَ كَانَ ذَلِكَ الصَّالِحُ هُوَ الْجَدُّ السَّابِعُ لِأُمٍّ. ..........عَلَى أَنَّ الَّذِي أَفَادَتْهُ آيَةُ {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ} [النساء: 9] إلَخْ أَنَّ بَعْضَ الْأُصُولِ رُبَّمَا عُوقِبَ بِهِ الْفُرُوعُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ بِفَرْضِ اسْتِوَاءِ الْأَمْرَيْنِ، إلَّا أَنَّ صَلَاحَ الْأُصُولِ رُبَّمَا انْتَفَعَ بِهِ الْفُرُوعُ فَلَيْسَ ذَلِكَ أَمْرًا كُلِّيًّا فِيهِمَا، وَرُبَّمَا كَانَ لِلْفَاسِقِ ظَاهِرًا أَعْمَالٌ صَالِحَةٌ بَاطِنَةٌ يُثِيبُهُ اللَّهُ بِهَا فِي ذُرِّيَّتِهِ فَيَتَعَيَّنُ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} [النساء: 9]. الزواجر عن اقتراف الكبائر.
ولا يخفى أن المعاصي من أعظم أسباب الفساد في الدين والدنيا، كما أن التقوى من أعظم أسباب الصلاح في الدارين.

قال ابن القيموَقَدْ دَلَّ الْعَقْلُ وَالنَّقْلُ وَالْفِطْرَةُ وَتَجَارِبُ الْأُمَمِ - عَلَى اخْتِلَافِ أَجْنَاسِهَا وَمِلَلِهَا وَنِحَلِهَا - عَلَى أَنَّ التَّقَرُّبَ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَطَلَبِ مَرْضَاتِهِ، وَالْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ إِلَى خَلْقِهِ مِنْ أَعْظَمِ الْأَسْبَابِ الْجَالِبَةِ لِكُلِّ خَيْرٍ، وَأَضْدَادَهَا مِنْ أَكْبَرِ الْأَسْبَابِ الْجَالِبَةِ لِكُلِّ شَرٍّ، فَمَا اسْتُجْلِبَتْ نِعَمُ اللَّهِ، وَاسْتُدْفِعَتْ نِقْمَتُهُ، بِمِثْلِ طَاعَتِهِ، وَالتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ، وَالْإِحْسَانِ إِلَى خَلْقِهِ. الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي.

والله أعلم.

أسئلة متعلقة أخري
على المرء مجاهدة المشاعر السلبية والسعي للتخلص منها
دعاء لصرف الأشرار
الإصرار على المعاصي اتّكالًا على عفو الله طريق المخذولين
ثواب من يشتهي المعصية ولا يعمل بها
ركن التوبة الأعظم هو الندم
الشكوى إلى الله لا تنافي الصبر الجميل
أسباب وحكمة نزول البلاء
على المرء مجاهدة المشاعر السلبية والسعي للتخلص منها
دعاء لصرف الأشرار
الإصرار على المعاصي اتّكالًا على عفو الله طريق المخذولين
ثواب من يشتهي المعصية ولا يعمل بها
ركن التوبة الأعظم هو الندم
الشكوى إلى الله لا تنافي الصبر الجميل
أسباب وحكمة نزول البلاء