عنوان الفتوى : حد صلة الرحم الذي لا يكون معه الإنسان قاطعا
عندما كنت صغيرا تركنا أبي وسافر، وكانت علاقة أمي بأهل أبي سيئة إلى أن انقطعت علاقتنا تماما، وأخذتنا أمي للعيش في بيت أبيها، ومات جدي من جهة أبي وأنا في 13 من عمري، ثم حاولت أن أتصل بعمي وأنا في 18 من عمري، فكنت أتصل به ولكنه لم يكن يتصل بي حتى توفاه الله، وهناك سلمت على عمتي، ولكني شعرت أنهما لم تشعرا نحوي بمودة كبيرة على عكس زوج إحداهما فقد شعرت أنه يودني، وأصبحت أتصل به قبل رمضان والأعياد وأوصيه بالسلام والتهنئة لعماتي الاثنتين، ولكنني لا أحصل على رد منهما أبدا، ولا أعرف إن كان يوصل السلام إليهما أم لا، فهل أنا قطع للرحم بهذا أم لا؟ وهل إن كنت قاطعا للرحم محرمة علي الجنة نهائيا؟ أرجو الإفادة وإخباري بما علي فعله في هذا الأمر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الشرع بصلة الرحم ونهى عن قطعها حتى لمن يقطعها، وانظر الفتوى رقم: 77480
ولا ريب أن العمات والأعمام من الأرحام الواجب صلتهم، فالواجب عليك صلة عماتك وأعمامك بالقدر الذي تقدر عليه، واعلم أنّ الشرع لم يحدد لصلة الرحم أسلوباً معيناً أو قدراً محدداً، وإنما المرجع في ذلك إلى العرف واختلاف الظروف، فتحصل الصلة بالزيارة والاتصال والمراسلة والسلام وكل ما يعده العرف صلة، قال القاضي عياض: وللصلة درجات بعضها أرفع من بعض، وأدناها ترك المهاجرة وصلتها بالكلام ولو بالسلام، ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة؛ فمنها واجب ومنها مستحب، ولو وصل بعض الصلة ولم يصل غايتها لا يسمى قاطعا، ولو قصر عما يقدر عليه وينبغي له أن يفعله لا يسمى واصلا.
واعلم أنّ المقصود بقول النبي صلى الله عليه وسلم:لا يدخل الجنة قاطع ـ أن قاطع الرحم من غير استحلال للقطيعة لا يدخل الجنة مع أول الداخلين، وانظر الفتوى رقم: 61781.
واعلم أنّ صلة الرحم من أسباب البركة في الرزق والعمر، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ. متفق عليه.
والله أعلم.