عنوان الفتوى : حكم من قال: طالق، ثم طالق، ثم طالق

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

هناك زوج متزوج من زوجة أولى وتزوج من زوجة ثانية ولم يخبرها بزواجه الأول وعرفت الزوجة الثانية بعلاقاته مع تلك المرأة وأصبحت تشك في الأمر وأرادت أن تتأكد بطريقة أخرى وطلبت منه أن يحلف ويقول إن فلانة ـ وسمى اسمها ـ طالق، ثم طالق ثم طالق طالقا بائنا لا رجعة فيه، فقال الزوج ذلك وفي قلبه لا ينوي الطلاق ويسأل هل طلاقه واقع؟ وهل هي طلقة أم ثلاث طلقات؟.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:

فننبه أولا على أن تعدد الزوجات جائز بضوابطه الشرعية من العدل بين الزوجتين، أو الزوجات، والقدرة على النفقة والمعاشرة، وبالتالي، فما أقدم عليه الزوج المذكور من الزواج بأخرى مباح له إذا توفرت الضوابط المبيحة لذلك، ولا يلزمه إعلام زوجته الأولى ولا الثانية بهذا الأمر، وراجعي الفتوى رقم: 116176.

ولا يشرع لأية واحدة منهن طلب طلاق الأخرى، لثبوت النهي عن ذلك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في إنائها. متفق عليه، واللفظ للبخاري.

وقال ابن عبد البر في التمهيد: في هذا الخبر من الفقه أنه لا ينبغي أن تسأل المرأة زوجها أن يطلق ضرتها لتنفرد به، فإنما لها ما سبق به القدر عليها لا ينقصها طلاق ضرتها شيئا مما جرى به القدر لها ولا يزيدها. انتهى.

وراجعي الفتوى رقم: 20160

وبخصوص ما تلفظ به الزوج المذكور فهو من قبيل الطلاق الصريح لا يحتاج لنية ولا يقبل منه أنه لم يقصد طلاقا، جاء في المغني لابن قدامة: قد ذكرنا أن صريح الطلاق لا يحتاج إلى نية, بل يقع من غير قصد, ولا خلاف في ذلك. انتهي.

ومما يؤكد وقوع الطلاق أيضا أن هذا الزوج لو أراد طلقة واحدة ونوى التأكيد بما بعدها لم يقبل منه ذلك عند المذاهب الأربعة، فمن باب أولى أن يقع الطلاق إذا لم ينوه أصلا، جاء في الموسوعة الفقهية: التكرار مع العطف كعدمه عند الحنفية في تعدد الطلاق, وفي نية التأكيد والإفهام, فلا فرق بين قوله: أنت طالق, أنت طالق أنت طالق, وبين قوله: أنت طالق, وأنت طالق, وأنت طالق, ولا فرق بين العطف بالواو والفاء وثم، وهو قول الشافعية إن كان العطف بالواو, ولا تقبل نية التوكيد مع الفاء وثم, وفي بعض كتبهم ما يفيد أن التأكيد بثم كالتأكيد بالواو, كما في العباب، ولا تقبل نية التأكيد مع العطف عند المالكية والحنابلة, لأن العطف يقتضي المغايرة, ولا يتأتى معها التأكيد, وهو قول الشافعية إن كان العطف بالفاء وثم. انتهى.

وبالتالي، فيكون الطلاق قد وقع ثلاثا عند الجمهور بقوله: طالق، ثم طالق، ثم طالق ـ ولا يقع ما زاد على الثلاث لكونه لم يصادف محلا، وبذلك تحرم عليه زوجته الثانية حتى تنكح زوجا غيره نكاحا صحيحا ـ نكاح رغبة لا نكاح تحليل ـ ثم يطلقها بعد الدخول إن كان قد دخل بها، أما طلاق غير المدخول بألفاظ متتابعة فقد سبق تفصيل حكمه وذلك في الفتوى رقم: 60228.

ومذهب شيخ الإسلام ابن تيمية لزوم طلقة واحدة فقط في مثل هذه الحالة، والراجح مذهب الجمهور، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 54257.

والله أعلم.