عنوان الفتوى : أمور تُفعل للفوز بحسن الخاتمة
ما هي العوامل التي تساعد على حسن الخاتمة ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحرص على حسن الخاتمة والخوف من سوء الخاتمة من أعظم ما شغل الصالحين وأقض مضاجعهم، يقول ابن القيم رحمه الله: ولقد قطع خوف الخاتمة ظهور المتقين. انتهى، فلذلك دأبوا في طاعة الله تعالى، واجتهدوا في التقرب إليه، فمن أراد حسن الخاتمة -نسأل الله من فضله-، فقد بين الله تعالى سبيل ذلك بما لا مزيد عليه، وذلك هو الإيمان بالله تعالى ثم الاستقامة على شرعه، فلا ينحرف عنه يمنة أو يسرة، ولا يروغ روغان الثعلب، فإذا استقام العبد على الشرع بفعل المأمور وترك المحظور كان على رجاء أن تحسن خاتمته بإذن الله كما قال جل اسمه: إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون.
قال الحافظ أبو الفداء ابن كثير رحمه الله: يقول تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا } أي أخلصوا العمل لله وعملوا بطاعة الله تعالى على ما شرع الله لهم. . . . وقوله تعالى: تتنزل عليهم الْمَلائِكَةُ } قال مجاهد والسدي وزيد بن أسلم وابنه: يعني عند الموت قائلين { أَلَّا تَخَافُوا } قال مجاهد وعكرمة وزيد بن أسلم أي مما تقدمون عليه من أمر الآخرة { ولا تحزنوا} على ما خلفتموه من أمر الدنيا من ولد وأهل ومال أو دين فإنا نخلفكم فيه { وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ } فيبشرونهم بذهاب الشر وحصول الخير: وهذا كما جاء في حديث البراء رضي الله عنه قال: "إن الملائكة تقول لروح المؤمن اخرجي أيتها الروح الطيبة في الجسد الطيب كنت تعمرينه اخرجي إلى روح وريحان ورب غير غضبان. انتهى.
ومن العوامل المعينة على حسن الخاتمة إحسان الظن بالله تعالى والتوكل عليه، فإنه من يتوكل على الله فهو حسبه، وليس التوكل على الله قاصرا على معنى الاعتماد عليه تعالى في تحصيل مصالح الدنيا من جلب الأرزاق ونحوها، بل التوكل عليه تعالى في التثبيت على الدين والهداية إلى الصراط المستقيم أعلى من هذا وأشرف. ومن أسباب ذلك أيضا الاجتهاد في الدعاء والتضرع إلى الله تعالى وسؤاله بإخلاص وصدق أن يختم للعبد بخير، فإنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، والقلوب بين أصبعين من أصابعه تعالى يقلبها كيف يشاء، فأي قلب شاء أن يقيمه أقامه، وأي قلب شاء أن يزيغه أزاغه، فإذا استحضر العبد هذا، واجتهد في دعاء ربه أن يرزقه حسن الخاتمة كان على رجاء حصولها بإذن الله، نسأل الله أن يرزقنا حسن الخاتمة.
والله أعلم.