عنوان الفتوى : توضيحات حول المعاشرة بين الزوجين وقوامة الرجل
فى الفتوى رقم: 153759 قلتم: فلا يلزم الزوج أن يجيب زوجته للجماع كلما طلبته سواء كان معذوراً في ذلك أو غير معذور، بشرط أن لا يقصد مضارتها، جاء في الفجر الساطع على الصحيح الجامع: وقال النووي: لا خلاف في حرمة امتناعها وهي في ذلك بخلاف الزوج لو دعته لم تجب عليه إجابتها إلا أن يقصد مضارتها، والفرق هو أن الرجل هو المالك للبضع، وللدرجة التي له عليها، وقد لا ينشط في وقت تدعوه إليها. وفى فتاوى أخرى فى نفس الموقع قرأت أنه يجب على الزوج أن يجامع زوجته بقدر حاجتها وقدرته. وفهمي يصور لي أن الرأيين متناقضان. كيف يجب عليه أن يجامعها بقدر حاجتها وقدرته بمعنى أنه طالما كان قادراً وهي طلبت وجب عليه تلبية حاجتها، وكيف في الفتوى التى أشرت إليها تقولون لا يجب عليه تلبية طلبها فى كل مرة سواء كان معذور أو غير معذور... إذا كان معذورا فهذا مفهوم أما إذا كان غير معذور وهي طلبت ومعنى أنها طلبت أنها تحتاج لذلك، فمعلوم أن المرأة أصلا تخجل أن تطلب مثل هذا الشيء يعني هذا ليس من طبع النساء أو على الأقل أغلبهن فمعنى أنها طلبت ذلك أنها تحتاج لذلك، فكيف في فتوى يجب عليه أن يجامعها بقدر حاجتها وقدرته وفي فتوى أخرى لا يجب عليه تلبية طلبها في كل مرة تطلب فيها حتى وإن كان غير معذور، ما السبب هل هو الذي يقدر حاجتها، أم هي التي تقدر حاجة نفسها، وما معنى مالك للبضع وللدرجة، هل الدرجة التي يمتلكها الرجل تميزه في كل شيء عن المرأة؟ معلوماتي أن هذه الدرجة تبيح للرجل قيادة الأسرة والانفراد بالقرار إذا كان هناك خلاف، وتبيح أيضا له الإذن لزوجته بالخروج أو عدم الخروج وتبيح له إنهاء عقد الزواج إذا رأى عدم تحقق المصلحة على عكس المرأة التي يجب عليها أن تذهب للقاضي سواء أرادت خلعا أو طلاقا وهذا كله حسن وهو حقه، وأستطيع أن أفهم ذلك جيداً فالقوامة له لأنه هو الذي ينفق ويدفع المهر أما أن أجد أن هذه الدرجة تميزه في كل شيء عن المرأة وتجعله لا يعبأ بمشاعر زوجته وتجعل الفقهاء يقولون إنه هو المالك للبضع وهذه الأشياء (بمعنى أنه اشتراها) فهذه الأشياء والله تصيبني بالاكتئاب وأنا أصبحت مريضة نفسيا من هذه الآراء ولم أعد أستطيع أن أحكم على شيء، فأنا أصلا لست على قدر من العلم الديني الذي يؤهلني أن أحكم إذا كانت هذه الفتوى صحيحة أو غير صحيحة وأنا أصلا كنت أثق بالمشايخ ولكن مع كثرة قراءتي لمثل هذه الفتاوى أصبت بالاكتئاب والوسواس في الدين فأنا أرى باستمرار تحاملا على المرأة وهضما لحقوقها. آسفة على الإطالة وأرجو الإجابة على سؤالي وعدم تجاهله أرجو أن تكون الإجابة واضحة ولا تحتمل أكثر من معنى وتفسروا لي التناقض الذي أراه في الفتويين وتعذروني فيما قلت لأن حالتى النفسية الله وحده هو الأعلم بها وأنا الآن أعاني من هذه الحالة النفسية منذ سنوات؟ جزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالتناقض قد يكون حاصلاً بين كلام الإمام النووي المنقول في الفتوى المشار إليها أولاً وبين القول الآخر الذي يوجب على الزوج قضاء حاجة زوجته، وهذا قطعاً قول معتبر لبعض الأئمة المشهورين بالعلم والنقل ولا يستطيع أحد إنكاره، أما عدم لزوم إجابة الزوج لزوجته كلما دعته للجماع ووجوب مجامعتها بقدر حاجتها وقدرته فلا تناقض بينهما، فكما يجب على الزوج أن يطعم زوجته على قدر حاجتها وقدرته فإنه لا يجب عليه أن يطعمها كلما طلبت ذلك.
وعلى ذلك فحيث كانت الزوجة محتاجة للجماع وكان الزوج قادراً لزمه تلبية حاجتها سواء طلبت ذلك أم لم تطلب، فالأمر منوط بحاجة الزوجة وليس بطلبها، وتقدير حاجة الزوجة أمر غير محدود وإنما يقدره الزوجان حسب الظروف، فهو يختلف بحسب السن وصحة الجسم وغير ذلك، والأصل أن تكون العلاقة بين الزوجين قائمة على التواد والتراحم ومراعاة كل منهما لظروف الآخر.
أما كون الزوج مالكاً للبضع فهذه عبارة الفقهاء وقد يسيء فهمها من لا يعرف أساليب الفقهاء فهم لا يقصدون بها معنى الشراء وإنما يقصدون حل الاستمتاع، وأما الدرجة التي للرجل فإنها تقتضي القوامة ولا تقتضي تفضيله على المرأة في كل شيء أو هضم حق المرأة، فالآية نفسها ذكرت أن الأصل التساوي في الحقوق والواجبات إلا أن الرجل له درجة القوامة على المرأة، قال الله تعالى: ... وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ {البقرة:228}.
وقال ابن عباس: الدرجة إشارة إلى حض الرجال على حسن العشرة، والتوسع للنساء في المال والخلق، أي أن الأفضل ينبغي أن يتحامل على نفسه، قال ابن عطية: وهذا قول حسن بارع. الجامع لأحكام القرآن.
وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 6925.
والله أعلم.