عنوان الفتوى : العفة شرط في صحة نكاح الكتابية ومن الذي يتولى تزويجها
لي زميل تركي مسلم طلب مني أن أستفتي حضرتكم في مسألة له والقول له: فضيلة الشيخ: السلام عليكم: أنا رجل تركي مسلم في سنٍّ قارب الخمسين، متزوج بتركية وأقيم معها في فرنسا، ولي منها أولاد أكبرهم في الرابعة والعشرين من العمر، وقبل حوالي 10 أعوام تعرفت على امرأة مسيحية من أصل فرنسي دون أن أخبر أحدا من عائلتي ابتداء، وظللت أعيش معها إلى أن أنجبت منها ولدين أكبرهما الآن في سن السابعة، ولما استيقظت من غفلتي وجهلي أطلعت عائلتي الأولى ـ زوجتي الأولى وأولادها ـ على ما أنا عليه، لأنني ما ضيعت لهم حقا أبدا، وعزمت الآن على التوبة بنية صادقة من فعلتي هذه ففكرت في إبرام عقد نكاح شرعي صحيح معها، علما بأنني هنا في فرنسا حيث يمنع تعدد الزوجات، فبما تنصحونني وفقا للشرع؟ وجزاكم الله خيرا، وهل يجوز لي أن أكتفي بإحضار إمام عدل وشاهدين مسلمين؟ وماذا عن وليها وهي طبيبة مسيحية؟ وماذا عن الولدين الذين يحملان اسمي؟ وهل تجب مفارقتها وعدم الالتفات إليها ولا للأولاد الذين بيننا؟ أنقذوني أثابكم الله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أساء هذا الرجل وأتى منكرا عظيما حين عاشر هذه المرأة في غير إطار الزواج الشرعي، فالزنا ذنب عظيم وفاحشة وساء سبيلا كما وصفه رب العزة والجلال في قوله سبحانه: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً {الإسراء:32}.
وللمزيد يمكن مراجعة الفتوى رقم: 1602.
فيجب عليه المبادرة إلى التوبة النصوح وهي المستوفية للشروط المذكورة بالفتوى رقم: 5450.
ويجب عليه الحذر مستقبلا من التساهل في التعامل مع النساء الأجنبيات، لأن هذا سبيل إلى الوقوع في الفاحشة، والزواج من الكتابية جائز بشرط أن تكون عفيفة، فإن تابت هذه المرأة من الزنا جاز له الزواج منها، ولكن الأمر يحتاج إلى كثير من التحري بشأنها في مثل هذا الزمان، وانظر لتفصيل ذلك الفتوى رقم: 28962.
والذي نراه أن الأولى به على كل حال الإعراض عن أمر الزواج منها، فإن الزواج من الكتابيات تكتنفه مخاطر كثيرة سبق بيان طرف منها بالفتوى رقم: 5315.
وأما هذان الولدان: فهما ولدا زنا فينسبان إلى أمهما ولا ينسبان إلى الزاني، ومن أهل العلم - كأبي حنيفة - من ذهب إلى أنه إذا استلحقه الزاني لحقه نسبه، وراجع الفتوى رقم: 6045.
وننبه إلى أنه في حالة الزواج من الكتابية فإن الذي يتولى زواجها هو وليها الذي هو على دينها، فإن لم يوجد تولي نكاحها أساقفتهم ونحوهم من الكفار كما هو مذهب مالك، وسبق توضيح ذلك في الفتوى رقم: 44490.
والله أعلم.