عنوان الفتوى : التوبة النصوح تمحو الذنب فلا مؤاخذة عليه في القبر أو يوم القيامة
إذا ارتكب شخص جريمة وتاب توبة نصوحا، فهل يعذب في القبر ويوم القيامة؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا تاب العبد من خطاياه توبة صادقة نصوحا غفرها الله سبحانه له، فإن الله سبحانه قد وعد الله بقبول توبة التائبين فقال جل وعلا: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ { الشورى: 52}.
وروى الإمام مسلم وابن ماجه والدرامي وأحمد من حديث أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يحكيه عن ربه تبارك وتعالى: ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بي شيئاً لقيته بمثلها مغفرة. وفي رواية للترمذي: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة.
والله سبحانه وتعالى أخبر أنه يبدل سيئات المسيئين حسنات إذا تابوا وأخلصوا في توبتهم لله تعالى وعملوا الأعمال الصالحة، قال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا* إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الفرقان:68-69-70}.
وقد سبق بيان معنى تبديل السيئات حسنات في الفتوى رقم: 34955.
وإذا صحت التوبة قُبلت من العبد فأتت على الذنب فمحته فلم يؤاخذ عليه العبد، لا في قبره ولا في الآخرة، وفي الصحيحين عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يدنو المؤمن ـ أي من ربه تعالى ـ حتى يضع عليه كنفه فيقرره بذنوبه: تعرف ذنب كذا؟ يقول: أعرف، يقول: رب أعرف مرتين، فيقول: سترتها في الدنيا وأغفرها لك اليوم ثم تطوى صحيفة حسناته، وأما الآخرون، أو الكفار فينادى على رؤوس الأشهاد: هَؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ.
والله أعلم.