عنوان الفتوى : مسألة في الطلاق

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

رمى على زوجته يمين الطلاق بالثلاثة، ثم استفزته مجدداً فتلفظ بالطلاق بالثلاثة عليها مرة أخرى في نفس اليوم وردها لعصمته بإشهاد اثنين من أهله، وكان قد سبق له تطليقها مرة قبل سنة مضت ثم ردها لعصمته فهل يقع الطلاق مرة أخرى بتكرار لفظ الطلاق بالثلاثة في نفس اليوم؟ وكم مرة؟ وهل تعد طلقتان أم ثلاثة؟.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمخالفة ما شرعه الله في الطلاق داخل في الاستهزاء بأحكام الله تعالى، وهذا من الخطورة بمكان، فقد ثبت النهي عنه والتحذير منه، قال الله تعالى: وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {البقرة:231}.

قال ابن العربي في أحكام القرآن: ومن اتخاذ آيات الله هزوا ما روي عن ابن عباس أنه سئل عن رجل قال لامرأته أنت طالق مائة، فقال: يكفيك منها ثلاث والسبعة والتسعون اتخذت بها آيات الله هزوا، فمن اتخاذها هزوا على هذا مخالفة حدودها فيعاقب بإلزامها، وعلى هذا يتركب طلاق الهازل. انتهى.

والحلف بالطلاق من أيمان الفساق، كما تقدم في الفتوى رقم: 58585.

وبخصوص ما حصل من الطلاق فتفصيل حكمه كما يلي:

1- أنه طلقها مرة ثم ردها لعصمته وذلك منذ سنوات، والحكم في ذلك أنه قد حسبت عليه طلقة ثم إن كان قد أرجعها قبل انقضاء العدة، أو عقد عليها عقداً جديداً بعد عدتها فقد رجعت إلى عصمته ولحقها طلاقه بعد ذلك وإلا لم يلحقها، لأنه لم يصادف محلاً.

2ـ قولك: رمى على زوجته يمين الطلاق بالثلاث ـ يحتمل تنجيز طلاقها ثلاثاً، كما يحتمل أنه حلف بطلاقها ثلاثاً، وعلى الاحتمال الأول فإنها تحرم عليه عند الجمهور ـ بمن فيهم المذاهب الأربعة ـ وتعتبر أجنبية منه بعد هذا الطلاق ولا يجوز له إرجاعها لعصمته قبل أن تنكح زوجاً غيره ـ نكاحاً صحيحاً نكاح رغبة لا نكاح تحليل ـ ثم يطلقها بعد الدخول، لقوله تعالى بعد ذكر إمكان تكرر الطلاق مرتين قال: فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ {البقرة:230}.

وراجعي فيه الفتوى رقم: 5584.

والطلاق الثلاث الذي أوقعه في اليوم نفسه يعتبر لاغياً لوقوعه بعد انقطاع العصمة فلم يصادف محلاً، أما على مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه، فإن الطلاق الثلاث الذي أوقعه أولاً يقع واحدة فقط ولا يقع الثاني لأنه طلاق بدعي وله في هذه الحالة مراجعتها قبل تمام عدتها، أو تجديد العقد عليها إذا انقضت عدتها، ولكن الراجح مذهب الجمهور كما سبق، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 129665.

وعلى احتمال أن يكون المقصود برمي الطلاق الثلاث تعليقه على أمر ففي هذه الحالة لا يقع قبل حصول الحنث فيما حلف عليه وحينئذ يلحقها طلاقه الثلاث الذي تلفظ به بعد ذلك، فهي على مذهب الجمهور بائن بينونة كبرى على كلا التقديرين، والطلاق الثلاث المعلق منحل لحصول البينونة الكبرى، أما على مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية فالطلاق الثلاث الواقع بعد الطلاق المعلق يقع واحدة فقط وله مراجعتها قبل تمام عدتها، وإذا حنث في الطلاق المعلق تلزم كفارة يمين إن كان الزوج لا يقصد طلاقاً، وإن قصده وكانت في طهر لم يمسها فيه لزمته الطلقة المكملة للثلاث وبذلك تحرم عليه عند ابن تيمية أيضاً حتى تنكح زوجاً غيره، وراجع الفتوى رقم: 139830.

وبهذا البيان كله يتبين للسائلة أن المسألة شائكة فيها احتمالات فيحتاج صاحبها إلى مشافهة أهل العلم ليبين لهم ما الذي تلفظ به حتى يجاب عن مسألته بما يطابقها.

والله أعلم.