عنوان الفتوى : حكم قصر الخطبة على تفسير القرآن الكريم
هل تصح خطبة الجمعة إذا كانت كل يوم تفسيرا للقرآن الكريم؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن من السنة تذكير الناس بالقرآن في خطبة الجمعة وقد أوجب جمع من أهل العلم أن يكون فيها شيء من القرآن، فقد روى مسلم عن جابر بن سمرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب قائماً ويجلس بين الخطبتين ويقرأ آيات ويذكر الناس.
وعن أم هشام بنت حارثة بن النعمان ـ رضي الله عنها ـ قالت: ما أخذت ق والقرآن المجيد إلا عن لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرؤها كل جمعة على المنبر إذا خطب الناس. رواه أحمد ومسلم.
قال الشوكاني في نيل الأوطار: قوله: ويقرأ آيات ويذكر الناس ـ استدل به على مشروعية القراءة والوعظ في الخطبة وقد ذهب الشافعي إلى وجوب الوعظ وقراءة آية وإلى ذلك ذهب الإمام يحيى، ولكنه قال تجب قراءة سورة وذهب الجمهور إلى عدم الوجوب، وهو الحق. اهـ.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار ـ أيضا: وقد استدل بحديث الباب وما ذكرناه من الأحاديث على مشروعية قراءة شيء من القرآن في الخطبة ولا خلاف في الاستحباب، وإنما الخلاف في الوجوب ـ كما تقدم ـ وقد اختلف في محل القراءة على أربعة أقوال:
الأول: في إحداهما لا بعينها وإليه ذهب الشافعي وهو ظاهر إطلاق الأحاديث.
والثاني: في الأولى وإلى ذلك ذهبت الهادوية وبعض أصحاب الشافعي واستدلوا بما رواه ابن أبي شيبة عن الشعبي مرسلا قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا صعد المنبر يوم الجمعة استقبل الناس بوجهه ثم قال السلام عليكم ويحمد الله تعالى ويثني عليه ويقرأ سورة، ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب، ثم ينزل وكان أبو بكر وعمر يفعلانه.
والقول الثالث: أن القراءة مشروعة فيهما جميعا وإلى ذلك ذهب العراقيون من أصحاب الشافعي، قال العراقي: وهو الذي اختاره القاضي من الحنابلة.
والرابع: في الخطبة الثانية دون الأولى حكاه العمراني ويدل له ما رواه النسائي عن جابر بن سمرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخطب قائما ثم يجلس ثم يقوم ويقرأ آيات ويذكر الله عز و جل ـ قال العراقي: وإسناده صحيح، وأجيب عنه بأن قوله يقرأ معطوف على قوله يخطب لا على قوله يقوم، والظاهر من أحاديث الباب أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان لا يلازم قراءة سورة، أو آية مخصوصة في الخطبة، بل كان يقرأ مرة هذه السورة، ومرة هذه، ومرة هذه الآية، ومرة هذه. اهـ.
والله أعلم.