عنوان الفتوى : حكم الوقوف أثناء خطبة الجمعة والضحك والتبسم

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

سؤالي متعلق بموضوع صلاة الجمعة، فأحياناً كثيرة هناك بعض المصلين يبقون واقفين أثناء الخطبة إما لعدم توفر المكان للجلوس فيه، وإما لأن الوقوف أسهل وأريح من الجلوس فهل هذا صحيح الذي يقومون به، وأيضاً أحيانا الخطيب الذي يخطب بنا -جزاه الله خيراً- أثناء الخطبة يذكر بعض المواقف المضحكة-نادرا- فأقوم بالضحك بسبب ما يقوله أو الابتسام فهل هذا الفعل مني ينقص أجر الجمعة ؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقيام المصلين في أثناء خطبة الجمعة، وإن لم يرد فيه نهي لكنه خلاف السنة المتوارثة من زمن النبي صلى الله عليه وسلم فمن بعده، فالسنة للمصلين أن يجلسوا في أدب وخشوع، واستحب بعض العلماء أن يجلسوا متربعين، وأن يستقبلوا الإمام بوجوههم وان يستمعوا وينصتوا للموعظة، وأما قيامهم في أثناء الخطبة فهو خلاف السنة فلا ينبغي فعله، نعم لو كان ثم عذر من شدة زحام أو نحو ذلك فالأمر سهل إن شاء الله.

 جاء في الروض مع حاشيته في بيان ما ينبغي أن يكون عليه المأموم حال سماع الخطبة: وينحرفون إليه –أي إلى الخطيب- لفعل الصحابة ذكره في المبدع، أي ينحرف المأمومون إلى الخطيب فيستقبلونه، قال ابن مسعود: كان إذا استوى على المنبر استقبلناه بوجوهنا، رواه الترمذي، وقد تقرر استقباله الناس وقت الخطبة، واستدارة أصحابه إليه بوجوههم من غير وجه وقال الترمذي: والعمل عليه عند أهل العلم من الصحابة وغيرهم، يستحبونه اهـ ولأنه الذي يقتضيه الأدب، وهو أبلغ في الوعظ.

قال النووي: وهو مجمع عليه، قال إمام الحرمين: سبب استقبالهم له واستقباله إياهم واستدباره القبلة أن يخاطبهم، فلو استدبرهم كان قبيحا، وإن استقبلوه استدبروا القبلة، فاستدبار واحد واستقبال الجميع أولى من عكسه، ويتربعون حال الخطبة، وهو أخشع، وفي صحيح مسلم أنه كان عليه الصلاة والسلام يفعله إذا صلى الفجر، وفي الصحيح عن ابن عمر أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم محتبيا بيديه، وهو القرفصاء، وروي عن جماعة من الصحابة. انتهى

وأما ما ذكرته من إتيان الخطيب بأشياء مضحكة في أثناء الخطبة فهذا مما لا ينبغي، فإن المشروع في خطبة الجمعة هو تذكير الناس ووعظهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر وتعليمهم قواعد الدين وأصول الشريعة، وذكر الطرف ونحوها من الدعابات وما يتفكه به خارج عن هذا المقصود الذي يراد به ترقيق القلوب والإقبال بها على الله تعالى.

قال ابن قاسم رحمه الله: وقال –أي شيخ الإسلام ابن تيمية- : ولا تحصل الخطبة باختصار يفوت به المقصود، وقد طال العهد، وخفي نور النبوة على الكثير، فرصعوا الخطب بالتسجيع والفقر، وعلم البديع، فعدم حظ القلوب منها، وفات المقصود بها، وقد كان صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه، وعلى صوته، واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش يقول: صبحكم ومساكم.

وذكر ابن القيم وغيره أن خطبه صلى الله عليه وسلم إنما كانت تقريرا لأصول الإيمان، من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ولقائه، وذكر الجنة والنار، وما أعد الله لأوليائه وأهل طاعته، وما أعد لأعدائه وأهل معصيته، ودعوة إلى الله، وتذكير بآلائه التي تحببه إلى خلقه، وأيامه التي تخوفهم من بأسه، وأمرا بذكره وشكره الذي يحببهم إليه، فيملأ القلوب من خطبته إيمانا وتوحيدا، ومعرفة بالله وآياته وآلائه وأيامه، ومحبة لذكره وشكره، فينصرف السامعون وقد أحبوا الله وأحبهم. انتهى

وينبغي إذا وقع شيء من هذا ألا تسترسل مع الضحك لمنافاته الإنصات المأمور به في الخطبة، وأما مجرد التبسم فلا حرج فيه فإنه إذا كان لا يؤثر على صحة الصلاة فالخطبة من باب أولى.

والله أعلم.