عنوان الفتوى : مدى وجوب الصوم على المصاب بمشكلات عقلية
ما حكم ترك صيام القضاء لمن لديها بعض المشكلات العقلية؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كانت تلك المشكلات العقلية قد خرجت بصاحبتها عن حد التكليف بأن جنت أو نحو ذلك فقد سقطت عنها التكاليف الشرعية، ولم يصح منها الصوم، ولا يجب عليها لا أداء ولا قضاء.
ولكن إن كان هذا الصوم قد استقر في ذمتها حال تكليفها فإن عليها أن تقضي إذا شفيت من مرضها ذاك، وإن كانت تجن أحيانا وتفيق أحيانا فلا يلزمها قضاء اليوم الذي جنت فيه وإنما يلزمها قضاء الأيام التي كانت مفيقة فيها، وإن حصل لها الجنون في أثناء اليوم الواجب صومه وكانت قد بيتت النية من الليل ففي وجوب القضاء عليها خلاف، والمعتمد عند الحنابلة عدم لزوم القضاء في هذه الصورة.
قال في حاشية الروض: فإن أفاق المجنون، أو المغمى عليه، جزءًا من النهار الذي بيت النية له، صح الصوم منه، حيث بيت النية، للخبر، ولوجود الإمساك في الجملة، ولصحة إضافة الترك إليه.
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله: والعاقل ضده المجنون، أي: فاقد العقل، من مجنون ومعتوه ومهذرٍ؛ فكل من ليس له عقل بأي وصف من الأوصاف فإنه ليس بمكلف، وليس عليه واجب من واجبات الدين لا صلاة ولا صيام ولا إطعام بدل صيام، أي: لا يجب عليه شيء إطلاقاً، إلا ما استثني كالواجبات المالية، وعليه فالمهذري أي: المخرف لا يجب عليه صوم، ولا إطعام بدله لفقد الأهلية وهي العقل، وهل مثل المهذري من أضل عقله بحادث؟ فالجواب أنه إن كان كالمغمى عليه فإنه يلزمه الصوم؛ لأن المغمى عليه يلزمه الصوم فيقضيه بعد صحوه، وإن وصل به فقد العقل إلى الجنون، ومعه شعوره فله حكم المجنون، وكذلك من كان يجن أحياناً، ففي اليوم الذي يجن فيه لا يلزمه الصوم، وفي اليوم الذي يكون معه عقله يلزمه.
ودليل ذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم: رفع القلم عن ثلاثة: النائم حتى يستيقظ وعن الصغير حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق. انتهى.
وأما إن كانت هذه المشكلات لا تخرجها عن حد العقلاء فإنها مخاطبة بالتكاليف الشرعية فيجب عليها أن تلتزم بفعل ما أمرها الله به، ولتعلم أن الحفاظ على أوامر الشرع من أكبر أسباب الشفاء بإذن الله.
والله أعلم.