عنوان الفتوى : البناء فوق المسجد ملك للورثة أم وقف للمسجد؟
توفي رجل وترك مسجدا كان قد بناه ومنزلا بجانب المسجد، فقام أحد الورثة ببناء شقتين فوق المسجد ولهما مدخل خاص على حسابه الخاص، وتم ضم المسجد للأوقاف، فهل تدخل هاتين الشقتين ضمن تركة الميت ويرث فيهما جميع الورثة؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن بنى مسجدا وأذن للناس بالصلاة فيه، فإنه يخرج عن ملكه ويصير وقفا لله تعالى، وليس له حينئذ ولا لورثته أن يستغلوه في أمورهم الشخصية.
وقد بينا ـ من قبل ـ ما ينعقد به الوقف من الألفاظ أو التخلية بينه وبين الناس عند من يرى ذلك، وراجع في هذا الفتويين رقم: 43322، ورقم: 108837.
وإذا لم يحصل ما ينعقد به الوقف، فإن المسجد باق على ملكية صاحبه، قال ابن العربي في أحكام القرآن: فلو بنى الرجل في داره مسجدا وحجزه عن الناس واختص به لنفسه لبقي على ملكه ولم يخرج إلى حد المسجدية. انتهى.
فإذا كان المسجد المذكور قد صحت وقفيته في حياة بانيه، فإنه يكون قد خرج عن ملكه، وبالتالي، فما جعل فوقه من البناء يحتمل فيه أحد احتمالين:
الأول: أن يكون بناه بنية الوقف.
الثاني: أن يكون بناه لنفسه.
فإن كان الأول، فالأمر واضح، وإن كان الثاني، فقد ورد بيان الحكم فيه في الموسوعة الفقهية: أما لو بنى الأجنبي في الوقف شيئا، فإنه يكون ملكا، والغرس كالبناء، وإذا كان ملكا فله نقضه أو قيمته منقوضا إن كان في الوقف ما يدفع منه ذلك، هذا إن كان ما بناه لا يحتاج إليه الوقف، وإلا فيوفى ثمنه من الغلة قطعا، بمنزلة ما إذا بناه الناظر. هـ.
وأما إذا كان المسجد باقيا على ملك بانيه حتى وفاته، فإنه في تلك الحالة يعتبر إرثا مشاعا بين جميع الورثة ولهم أن يفعلوا به ما يشاءون، وإذا ارتأوا أن يجعلوه وقفا، فإن ذلك يصح لهم.
وأما عن الشقتين: فإن حكمهما في هذه الحالة حكم بناء أحد الورثة في العقار الموروث، وقد سبق أن بينا الفرق بين أن يكون ذلك قد حصل بإذن أو بغير إذن، ويمكنك أن تراجع في تفصيل ذلك فتوانا رقم: 61163.
وفي الحال التي يكون فيها المسجد موروثا، فإن إرث الشقتين أو جعلهما وقفا كالمسجد تابع لما يقرره المالك لهما.
والله أعلم.