عنوان الفتوى : حكم بعد الأولاد عن أبويهم بسبب ظروف العمل

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

لي والدان يعيشان الآن بمفردهما، وقد تجاوزا الستين بثلاثة أعوام تقريبا، لكنهما بصحة جيدة، والسبب في عيشهما بمفردهما أننا نحن أولادهم الأخت الكبرى تزوجت منذ 16 عاما، وسكنت مع زوجها في مدينة تبعد400 كيلو متر عن والدي، ولا تراها إلا سنويا، وأخي الأكبر اقتضت ظروف عمله أن يعمل بالقاهرة مما اضطره أن يسكن بها مع أسرته ولا يراهما إلا أسبوعيا لظروف عمله الطاحنة، حيث تبعد القاهرة عن والدي 40 كيلو متر، وأنا الأخ الأوسط أعمل مدرسا خارج مصر في إحدى دول الخليج ومعي أسرتي، ولا أراهما إلا سنويا في الإجازة الصيفية، وأخي الأصغر والأخير يعمل هو الأخر مدرسا خارج البلاد. مع العلم أنه ليس لديه أي وظيفة داخل مصر، وكما ترى فنحن جميعا بعيدون عن والدينا تقريبا طوال العام إلا قليلا. وسؤالي الآن هو هل نأثم على تركنا إياهما يعيشان بمفردهما بهذه الصورة التي ذكرتها؟ مع العلم بأنني ألححت عليهما بالمجيء والعيش معي ومع أسرتي خارج البلاد حتى أرعاهما أكثر، ولكنهما يرفضان بشدة لارتباطهم الشديد بالحياة في مصر، وهما في هذا كله يحبوننا جدا، ويدعون لنا ليل نهار، ونحن نحاول أن نبرهما بكل أشكال البر المادي والمعنوي، ولكن ينقصهم فقط أن نكون معهما، ويكونان معنا بشكل دائم. فهل علينا إثم في ذلك؟ وهل يجب على أي منا أن يبقى معهما، ويعود إلى مصر كي يراعي شئونهما أكثر. مع العلم أنني أشعر أن أمي على وجه الخصوص تتمنى عودتي، وأن أصبح قريبا منها هناك في مصر. الرجاء أشر علي ماذا أفعل للضرورة القصوى؟

مدة قراءة الإجابة : دقيقتان

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالذي يظهر من خلال ما ذكرت من ملابسات في ثنايا السؤال أنه لا حرج عليكم - إن شاء الله - في ترك والديكم بمفردهما، خاصة وأنهما بصحة جيدة ولا يحتاجان إلى رعايتكم ، ولا يبدو منهما اعتراض أو انزعاج من سفركم.

لكن إن ظهر منهما أو من أحدهما حاجة إليكم من نفقة أو معاونة أو خدمة ونحو ذلك فإنه يجب عليكم جميعا أن تتعاونوا لسد حاجتهما بالمعروف من مطعم ومشرب وملبس وعلاج وخدمة ونحو ذلك، فإن نفقة الوالدين المحتاجين تجب على أولادهما الموسرين بالإجماع، كما قال ابن قدامة في المغني: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. انتهى

هذا من ناحية الواجب المتحتم، أما من ناحية المستحب والمندوب فالأفضل قطعا هو مجاورة الوالدين خصوصا حال كبرهما، فإن لذلك أثرا كبيرا في إحداث السعادة والطمأنينة لهما، ولذا فقد امتن الله سبحانه على بعض عباده الجاحدين لنعمه بنعمة البنين الشهود الذين لا يفارقونه فقال سبحانه: وَبَنِينَ شُهُودًا {المدثر:13}

جاء في تفسير الألوسي: حضوراً معه بمكة يتمتع بمشاهدتهم لا يفارقونه. انتهى

 وهذا كله ما لم يترتب على البقاء معهما ضرر، أما إن ترتب على الرجوع والبقاء معهما ضرر من ضياع أسباب الرزق وعدم قدرتكم على توفير النفقة لأولادكم وأزواجكم ومن تعولون فهنا ينتفي الوجوب والندب.

والله أعلم.