عنوان الفتوى : موهوبة ولا تجد فرصتها سوى في التمثيل والغناء

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أنا شابه فى العشرينيات محجبة، وكنت أريد أن أسأل عن الفن تمثيل وغناء هل هو حرام أو حلال؟ منعت نفسي كثيرا من السعي في هذا المجال، طيب لو كان حراما ربنا أعطاني الموهبة التي دفنتها وأتعبني ذلك، فمثلا لما انطلقت أكاديمية الزعيم أشعر أني راغبة في التقدم لها وأنها آخر فرصة بالنسبة لي وأنها فرصة لتحسين ظروفي مال وشهرة، وأيضا فرص زواج ممتازة ومرغوبين في أي سن بعكس المرأة العاديه فرص زواجها نادرة هذه الايام ويمكن تفوتها؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلمي أيتها الأخت السائلة أن اشتغال المرأة بمثل هذه الأمور المسؤول عنها من الغناء والتمثيل من المحرمات بيقين، لما يشتمل عليه من الفتنة ويحث عليه من الشر ويجلبه من الفساد العظيم، ودلائل تحريم مزاولة مثل هذه الأمور أوضح من الشمس، والناظر في واقع المسلمين يجد أن  من أعظم أسباب فسادهم وانحرافهم عن الدين اشتغالهم بأمثال هذه الأمور، والمرأة مأمورة بالتصون والتعفف وعدم إظهار الزينة إلا لمحرمها، ومأموره بترك الخلوة بالرجال وعدم ملامستهم ونحو ذلك.

 فكيف تسول للمرأة المسلمة نفسها أن تخرج من بيتها لتفتن وتفتن، فتخرج متبرجة متخلية عن أعظم زينة زينها الله بها وهي الحياء، لتخالط الرجال على وجه الريبة، وتجعل نفسها سلعة رخيصة تقتحمها الأعين وتلوكها الألسن، إن المرأة المسلمة أعظم قدرا وأعلى منزلة من أن تبيع نفسها وحياءها ودينها بثمن بخس، وأن تجعل نفسها فريسة لذئاب البشر الذين لا ينظرون إلى المرأة إلا على أنها وسيلة للاستمتاع الرخيص، مشاهدة لصورتها وسماعا لصوتها وتلذذا بمخالطتها على وجه لا يرضاه الله عز وجل بل يمقته ويمقت فاعله، فاستعيذي بالله أيتها الأخت الفاضلة مما يعرض لك من الخواطر في هذا الأمر المذموم، واعلمي أنه لا يليق بحفيدات خديجة وعائشة وحفصة أن يتبذلن هذا التبذل البغيض ولا أن يجعلن أنفسهن مجرد وسيلة لإثارة الغرائز وتحريك الشهوات.

 ثم اعلمي أن ما ذكرته من أمر الموهبة أنها لا تستعمل في هذا المجال المحرم كما لا تستعمل موهبة الذكاء في الاحتيال والسرقة، ولا موهبة القوة في الاعتداء والبطش، ولعل الله امتحنك بها ليبتلي صبرك على طاعته وثباتك على دينه وأنك لا تخالفين أمره طاعة للشيطان واستجابة للنفس الأمارة بالسوء، وكما قال بعض السلف: لولا خشية الله لمكرنا مكرا تزول منه الجبال.

فعليك أن تثبتي على طاعة الله تعالى فتكونين حيث أمرك ولا تكونين حيث نهاك، وإن كانت لديك طاقة ما فاستثمريها فيما يرضي الله تعالى من الدعوة إليه والاشتغال بتعلم العلم النافع وحفظ القرآن العزيز، وعليك بمصاحبة أهل الخير من أخواتك الحريصات على الشرع المعظمات لحرمات الله فستجدين بينهن مجالا رحبا تستثمرين فيه طاقتك تأثيرا فيهن وتأثرا بهن فيما يحبه الله ويرضاه من العلم النافع والعمل الصالح، وأما ما ذكرته من أمر الزواج، فاعلمي أن الله قد كتب مقادير الخلق قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وأن ما جرى به القلم واقع ولا بد، فما قدره الله للعبد سيصيبه لا محالة، فعليك أن تؤمني بقضاء الله وقدره، وعليك كذلك أن تثقي بربك تعالى وتحسني الظن به وتجتهدي في دعائه أن يرزقك الزوج الصالح، ثم إن من تلتمس الزواج في طريق لم يشرعها الله تعالى لن تحصل إلا على الخيبة والندامة، فإنه ما نال أحد ما عند الله بمثل طاعته، ورزق الله لا يسوقه حرص حريص ولا يرده كراهية كاره كما روي عن نبينا صلى الله عليه وسلم، وقد أخبرنا صلى الله عليه وسلم بأن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، فتركك هذا الأمر لله سبيل لحصولك على ما هو خير لك منه وأفضل، والمرأة المسلمة لا ترضى بزوج يبحث عن ممثلة أو مغنية فإن مثل هذا يكون خانع الأخلاق غير مأمون على عرض، بل إن المسلمة إنما تبحث عن ذي الدين الذي يتقي الله فيها ويعاشرها بالمعروف، فنسأل الله لنا ولك الثبات على الحق والهداية لأرشد الأمر.

والله أعلم.