عنوان الفتوى : خطيبها كان على علاقة بامرأة وعادت تراوده وتؤثر عليه
أنا مخطوبة منذ سنتين ونصف، وخطيبي ملتزم، ولكنه اعترف لي بعد إلحاح شديد أنه قبل معرفتي بشهرين أخطا مع زميلة له في العمل، وبالصدفة انتقلت لفرع آخر ومات الموضوع، وقرر أنه يستر ويستغفر ويعمل الكفارة إلى أن ظهرت في حياته مرة أخرى بعد الخطوبة، بل وأصبحت معه في نفس القسم في العمل، وكنت دائما ألاحظ اهتماما خاصا بينهما، وعندما أسأل يقول لي لا يوجد شيء، ولكن في رمضان الماضي لاحظت أنه التحى وبدأ يقترب من الله أكثر وأكثر في حين أنه ملتزم بالفعل، وبعد ذلك عاد كما كان، ولكن مؤخرا لاحظت تغيير وبعد إلحاح شديد اعترف بأنه أخطأ مع هذه الفتاة قبل معرفتي أي قبل سنتين ونصف، ولكنها اختفت من حياته، وبدأنا في تخطيط حياتنا، وفعلا نحن بصدد إنهاء أعمال المنزل لإتمام الزواج، ولكنها عادت في رمضان الماضي عندما رأته ملتحيا قالت له إنه عندما أخطأ معها أنها أصبحت غير عذراء، مع العلم أنه قبل رمضان كانت زميلة له وتتحدث معه ويتبادلان الأحاديث كزملاء في عمل واحد، وعندما سألها لماذا سكت كل هذه المدة، قالت إنها كانت تخشى أنه لا يصدقها، ومرت الأيام منذ رمضان وخطيبي يبتعد عنها أحيانا، ويكمل حياته معي، ولكن مؤخرا بدأت تحاول الحديث معه وتشعره بالذنب، وهذه نقطة ضعفه وتطلب منه أن يسأل عنها ويتحدث إليها، وفعلا يتحدثون ليلا، وخرج معها قبل ذلك، وعندما سألته قال إنه يحاول أن يرى حلا للموضوع، وإنه كالغرقان يريد آن يتعلق بقشة، وإنه يشعر بذنب رهيب ولا يعرف ماذا يفعل، وإنه هو من فعل ذلك بنفسه، وهي تدخل له من هذا الجانب، وتحاول أن تعكر صفو دنيانا، وبعدما تطلب منه
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم يتبين لنا حد العلاقة التي كانت بين خطيبك هذا وبين هذه الفتاة، ولكن إن كان الأمر بينهما قد وصل إلى حد الزناـ والعياذ بالله ـ فعليه أن يتوب إلى الله جل وعلا توبة صادقة قبل الزواج؛ لأنه لا يجوز للزاني الزواج من العفيفة إلا بعد التوبة لقوله تعالى: الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِين َ{النــور:3}
فحرم سبحانه على العفيف أن ينكح الزانية، وحرم على العفيفة أن تنكح الزاني، يقول ابن كثير رحمه الله: ومن هاهنا ذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله إلى أنه لا يصح العقد من الرجل العفيف على المرأة البغي ما دامت كذلك حتى تستتاب، فإن تابت صح العقد عليه وإلا فلا ، وكذلك لا يصح تزويج المرأة الحرة العفيفة بالرجل الفاجر المسافح حتى يتوب توبة صحيحة لقوله تعالى: وحرم ذلك على المؤمنين} انتهى.
وعليه أن يقطع علاقته بهذه المرأة تماما ولا يلتفت لما تحتال به لإرجاع العلاقة بينهما، وليعلم أنه لا حق عليه مادامت قد طاوعته على فعل الحرام، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 123674.
وعليه أيضا أن يستتر بستر الله فلا يحدث أحدا بما كان منه فقد قال صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا هذه القاذورات، التي نهى الله تعالى عنها، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله، وليتب إلى الله فإنه من يبد لنا صفحته، نقم عليه كتاب الله. صححه الألباني.
وأما علاقته بك فاعلمي أنه أجنبي عنك حتى يتم عقد الزواج، فلا يجوز لك أن تختلي به، ولا أن تنبسطي معه في المعاملة ولا تلتقي به إلا حال وجود محرم لك وبشرط أن توجد حاجة للقاء.
وعلى هذا، فعليك أن تعلميه بالحكم الشرعي في علاقته بهذه المرأة، فإن تاب إلى الله تعالى وقطع علاقته بها فأتمي زواجك منه، وإن أصر على معصيته فلا حرج عليك حينئذ في فسخ هذه الخطوبة، ونوصيك باستخارة الله سبحانه في كل أمر قبل الإقدام عليه.
وفي النهاية ننبهك على أن الأمر باستتار العاصي لم يجر ذكره في القرآن وإنما جاء الأمر به في السنة المطهرة في مثل الحديث الآنف الذكر.
والله أعلم.