عنوان الفتوى : تناولت حبة وهي تظن أنها لا تفطر فهل يلزمها القضاء
أشكركم ـ أولا ـ ففي صباح الأول من رمضان تناولت سيدة حبة منع الحمل بدون ماء ظنا منها أنها ليست مفطرة، فما قول الشرع في ذلك؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف العلماء فيما إذا تناول المكلف مفطرا وهو يجهل كونه من المفطرات هل يلزمه القضاء أو لا على قولين؟ والقول بعدم لزوم القضاء قول قوي وله اتجاه من حيث الدليل، وقد ملنا إلى ترجيحه في الفتوى رقم 79032، قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله: والصائم إذا فعل ما يفطر به جاهلا بتحريم ذلك، فهل عليه الإعادة؟ على قولين فى مذهب أحمد، وكذلك من فعل محظورا فى الحج جاهلا، وأصل هذا أن حكم الخطاب هل يثبت في حق المكلف قبل أن يبلغه؟ فيه ثلاثة أقوال فى مذهب أحمد وغيره:
قيل يثبت.
وقيل لا يثبت.
وقيل يثبت المبتدأ دون الناسخ.
والأظهر أنه لا يجب قضاء شيء من ذلك ولا يثبت الخطاب إلا بعد البلاغ لقوله تعالى: لأنذركم به ومن بلغ.
وقوله: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا.
ولقوله: لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل.
ومثل هذا فى القرآن متعدد بين سبحانه أنه لا يعاقب أحدا حتى يبلغه ما جاء به الرسول.
انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله: فإذا أكل الإنسان وهو جاهل، فإنه لا قضاء عليه والجهل نوعان:
جهل بالحكم: مثل أن يتقيأ الإنسان متعمدا، لكن لا يدري أن القيء مفسد للصوم، فهذا لا قضاء عليه، لأنه جاهل، والدليل على أن الجاهل بالحكم لا يفطر ما ثبت في الصحيحين من حديث عدي بن حاتم ـ رضي الله عنه ـ أنه جعل تحت وسادته عقالين أحدهما أسود، والثاني أبيض ـ والعقالان هما: الحبلان اللذان تعقل بهما الإبل ـ فجعل ينظر إليهما، فلما تبين له الأبيض من الأسود، أمسك عن الأكل والشرب، فلما غدا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أخبره بذلك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إن وسادك لعريض، أنْ وسع الخيط الأبيض والأسود، إنما ذلك بياض النهار وسواد الليل.
ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء، لأنه كان جاهلا بمعنى الآية الكريمة .
انتهى.
ومع ترجح هذا القول وقوته من حيث الدليل، فإن القول بلزوم القضاء أحوط وأبرأ للذمة، وهو قول كثير من العلماء، والخروج من خلافهم أولى، والأمر يسير وعليه، فالأحوط لهذه المرأة أن تقضي هذا اليوم على سبيل الاحتياط وطلبا لبراءة الذمة، ولأنها لا تخلو من نوع تقصير في السؤال والبحث عما يلزمها تعلمه من أحكام الشرع.
والله أعلم.