عنوان الفتوى : من أحق بالحضانة بعد بلوغ المحضون سبع سنوات
أفيدوني أفادكم الله فقد أرسلت لكم عن طلاق الحائض وأجبتموني شاكرين أنه الأرجح، لم تجيبوا إذا كان علي إثم من ناحية إرسال الأولاد لأبيهم بعد ما أخل باتفاقنا من استئجار منزل، فليس لي سكن لأحضنهم وهم في سن الثامنة والسابعة والاثني عشرة للفتاة، وهو مخل دوما بحقوقي ويعرف مخارج القانون، ويتهمني في عرضي وقد هددني إن رفعت قضية أنه سيكتب أملاكه لأخيه حتى لا تحكم المحكمة لي بالسكن، علما أن مكان الحضانة في بلد غير البلد الذي يسكن فيه أهلي فإن حضنتهم هناك سأكون لوحدي ولم يوف بوعده باستئجار منزل بالقرب من أهلي في بلدهم، الآن أولادي مقصرون في الصلاة وأخاف أن يكون علي إثم في ذلك، مع أني دائما أرغبهم بها وأخاف أن ينجرفوا في الأمور الدنيوية، أيضا أخاف عليهم فهم ما زالوا صغارا. ثانيا هذا الزوج يرفض تثبيت الطلاق وأيضا يساوم على مؤخر الصداق بحجة أنه يشك في ويتهمني في عرضي وأنا لم أخطئ بحقه أبدا. فهل له حق في هذا؟ وإذا رفعت الأمر إلى القضاء فهل سآخذ مؤخري أم أنه علي أن أتنازل عنه لأثبت الطلاق؟ وإذا تنازلت عنه فهل هذه تعتبر مسامحة في الدنيا والآخرة وأنا لم أدخر في حياتي معه سوى مبلغ بسيط 300 دينار أردني طوال 13 عاما لحرصه على أن لا أدخر شيئا أبدا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما سؤالك عن الحضانة فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 123862، أن الراجح من كلام أهل العلم أن الولد ـ ذكرا كان أو أنثى ـ إذا بلغ سن السابعة فإنه يضم إلى أكثر أبويه قياما بمصالحه، فإن استويا في ذلك فحينئذ يخير الولد بينهما.
جاء في سبل السلام: فلو كانت الأم أصون من الأب وأغير منه ، قدمت عليه ، ولا التفات إلى اختيار الصبي في هذه الحالة، فإنه ضعيف العقل يؤثر البطالة واللعب، فإذا اختار من يساعده على ذلك فلا التفات إلى اختياره وكان عند من هو أنفع له منهما ولا تحتمل الشريعة غير هذا، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: مروهم بالصلاة لسبع واضربوهم على تركها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع. والله يقول: قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً. فإذا كانت الأم تتركه في المكتب أو تعلمه القرآن والصبي يؤثر اللعب ومعاشرة أقرانه وأبوه يمكنه من ذلك فإنها أحق به ولا تخيير ولا قرعة وكذلك العكس. انتهى.
وعلى ذلك فقد كان الواجب عليك إذ خفت على أولادك الضياع أن تجعليهم معك ثم تطالبي أباهم بالمسكن وإن رفض رفعت الأمر للقضاء ليجبره عليه، فإن تعذر هذا كله عليك ولم يكن لكم مسكن تسكنون فيه ولا نفقة تنفقين عليهم ولم يتيسر طريق لإجبار الزوج على المسكن والنفقة فنرجو حينئذ ألا يكون عليك حرج من إرسالهم لأبيهم فإن الله سبحانه لا يكلف نفسا إلا وسعها.
لكن عليك أن تبذلي أسباب الحصول على المسكن والنفقة من زوجك ما تيسر السبيل إلى ذلك ثم تضمي أولادك إليك.
أما عن رفضك تثبيت الطلاق فقد أجبناك في فتوانا السابقة أنه يمكن علاج هذا الأمر برفعه للقضاء الشرعي.
فإن حكم القاضي بوقوع الطلاق فقد انتهى الأمر، فإن رفض الزوج الاعتراف بالطلاق أصلا أقمت على ذلك البينة إن كانت لديك بينة، فإن لم يكن لديك بينة فعليك حينئذ أن تفتدي منه بما طلبه منك من مؤخر الصداق أو بغيره ولا يجوز لك أن تمكنيه من نفسك لأنك أجنبية عنه.
وهذا المال المبذول لا يطيب له ما دام أنه بغير طيب نفس منك، ويعتبر بأخذه له غاصبا آكلا للحرام وحسابه على ربه جل وعلا، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال أمرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أبو داود وصححه الألباني.
أما هذا المال الذي ادخرته فلم تذكري مصدره فإما أن يكون من مالك الخاص فلا حرج عليك حينئذ، وإما أن يكون من مال زوجك بذله لك على سبيل الهبة فهذا لا حرج فيه أيضا، أما إن كان هذا من مال الزوج دون علمه فهذا لا يحل لك وعليك أن ترديه عليه.
والله أعلم.