عنوان الفتوى : مالا يمكن التحرز عنه لا ضمان فيه
سؤالي: كنت أعمل مراقبا عاما لدى شركة مقاولات، وقد كلفت من قبل المهندس المسؤول عن الموقع بأن أقوم بإغلاق نصف الشارع المؤدي من الفحاحيل باتجاه الكويت، وذلك بعد عمل تصريح مرور من قبل الإدارة العامة للمرور، وكان العمل يحتاج إلى مراقب مسؤول عن أعمال الأمن والسلامة، والتي تتطلب وضع إشارات الأمن والسلامة قبل البدء بعمل إغلاق للطريق، وبدوري كان العمل يحتاج مني أن أحضّر فقط العمالة والمعدات المطلوبة دون أعمال الأمن والسلامة، والتي كان من المفروض القيام بها أولا، وهي ليست من ضمن عملي، وبعد ذلك أقوم بالأعمال، وبالفعل قمت بتحضير أربعة من العمال نشطاء وسريعي الحركة، وجاءني قبل انتهاء الدوام الرسمي اليومي وأمام مجموعة من رجال الاشراف الذين يقومون باستلام الأعمال منا، وبعد الإلحاح بالطلب للعمل ليلا وبعد الإحراج تمت الموافقة مني، وذهبت إلى المهندس المسؤول وقلت له أنا والعمال والمعدات جاهزون للعمل، ولكن يحتاج العمل إلى عمل الأمن وسلامة، وكان مراقب الأمن والسلامة موجود في أثناء هذا الكلام، فما كان من المراقب إلا أن قال أنا لا أريد العمل الليلي، لأنني لا أتقاضى عليه أجرا إضافيا، فما كان مني إلا أن قلت للمهندس المسؤول أنا لن أعمل إلا بوجود عمال للأمن والسلامة، فأصرّ المهندس المسؤول علي حتى وافقت على العمل دون مرافقة عمال الأمن والسلامة، وذلك لأن أعمال الأمن والسلامة كانت تحتاج إلى زيادةعمال وسيارة ولم يقم المهندس بإرسال عمال الأمن والسلامة المطلوبين، وفعلا بعد الساعة الثانية عشر ليلا حضرت أنا والعمال الخاصون بي، ولأن العمال كانوا يعرفون طريقة العمل جاء العامل عبد الرزاق مسرعا، وأخذ اثنان من أقماع الأمن والسلامة للبدء في العمل، ووضع أول قمع إلى أن جاءت سيارة مسرعة جدا وكانت تسير بسرعة مائة وستين كليو مترا تقريبا، فصدمت العامل عبد الرزاق ففارق الحياة على الفور، فما كان مني إلا أن أنتظر المحقق وأقول له إننا نريد البدء بالتحضير للإغلاق، وعلى هذا تم ما يلي: 1- التهمة هي التسبب في قتل الخطإ. 2- الحبس خمسة عشر يوما مع التنفيذ.3-براءة الداعم ـ سائق السيارة ـ ولكن المحامي لم يخبرني بذلك وبقيت حرا طليقا إلى موعد الاستئناف وكان الحكم بدفع غرامة خمسين دينارا كويتيا. أفتونا، جزاكم الله كل خير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن المهندس المسؤول قد فرط بأمره لك بالعمل دون توفيرالمختصين بالأمن والسلامة، ولولي الأمر أن يعزره بما يراه مناسبا، لمخالفته أصول العمل، إلا أنه كان عليك أن تثبت على رفضك العمل حينئذ، وموافقتك على بدء العمل ـ والحالة هذه ـ لا تخلو من تفريط، ولذا يحق لولي الأمر أن يعزرك بما يراه مناسبا، إلا أنه لا دية عليك ولا كفارة، إذا كان العامل المتوفى بالغا عاقلا، لأنه كان بإمكانه أن يرفض، قال في الروض المربع شرح زاد المستقنع: ومن أمر شخصا مكلفا أن ينزل بئرا، أوأمره أن يصعد شجرة ففعل فهلك به أي: بنزوله أوصعوده لم يضمنه الآمر.
وأما بخصوص السائق فالحكم في حقه مبني على قاعدة ـ ما لا يمكن التحرزعنه لا ضمان فيه ـ فإذا كان هذا الحادث قد حصل دون تفريط منه، بحيث أنه كان يسير بالسرعة المطلوبة في ذلك المكان، مع أخذه للاحتياطات اللازمة لصيانة السيارة، ولم يفرط في استخدام آلة التنبيه، وثبت أن الخطأ على العامل، فلا ضمان على السائق ولا كفارة.
أما إذا كان يمكنه تلافي الحادث بأداة التنبيه، أوتخفيف السرعة أوغير ذلك ولم يفعل، فهذا قتل خطإ حصل منه وحينئذ يلزمه أمران:
الأول: الكفارة وهي: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجدها فصيام شهرين قمريين متتابعين.
والثاني: الدية تدفع لورثة المقتول وتتحملها العاقلة وهم: أقرباء المتسبب من جهة الأب.
ومثل هذا الحادث يرجع فيه إلى الجهات المختصة للنظر في ملابساته من كل جوانبه، فالقاضي الشرعي يستطيع أن يتبين هل فرط السائق أم لا؟.
والله أعلم.