عنوان الفتوى : الصدقة الجارية عن النفس والغير وهل يبقى ثوابها إذا تعطلت
اشتريت مروحة سقفية كصدقة جارية لوالدي المتوفى وأهديتها للمسجد القريب منا، وعندما حصلت الطائفية في العراق طرد إمام المسجد وسرقت كل ممتلكاته، أوأحرقت، فهل تستمر الصدقة الجارية لوالدي إن انقطعت بسرقة المروحة أو حرقها؟ وهل يجوز أن أعمل صدقه جارية لنفسي؟ أم أنها للميت فقط؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فشكر الله لك برك بأبيك وحرصك على نفعه بعد موته، وأنت مأجورة ـ إن شاء الله ـ بنيتك الصالحة، وقد وصل لأبيك ثواب ما تصدقت به عنه ـ إن شاء الله ـ ولكن انتفاع الحي أو الميت بما يُجرى من الصدقات إنما يكون ما دامت الصدقة الجارية باقية فإذا تعطل الانتفاع بها لم يجر ثوابها ـ لا على من بذلها ولا عن من بذلت عنه ـ قال المنذري ـ رحمه الله ـ معلقا على حديث: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث.
قال بعضهم عمل الميت منقطع لموته، لكن هذه الأشياء لما كان هو سببها من اكتسابه الولد وبثه العلم عند من حمله عنه أوإبداعه تأليفا بقي بعده ووقفه، هذه الصدقة بقيت له أجورها ما بقيت وَوُجدت. انتهى.
واعلمي أن التصدق عن الميت ينفعه بلا خلاف بين أهل العلم، ولكن الحي أولى بأن يتصدق عن نفسه فلا يشترط في الصدقة الجارية أن تكون عن الميت، بل الأصل أن الحي يوقف وقفا ويجري الصدقة على نفسه ليستمر له ثوابها بعد موته، قال النووي ـ رحمه الله ـ في شرح حديث: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أوعلم ينتفع به، أوولد صالح يدعو له.
قال العلماء معنى الحديث: أن عمل الميت ينقطع بموته وينقطع تجدد الثواب له إلا في هذه الأشياء الثلاثة، لكونه كان سببها، فإن الولد من كسبه وكذلك العلم الذي خلفه من تعليم أوتصنيف وكذلك الصدقة الجارية وهي الوقف. انتهى.
وبه تعلمين أنك تنتفعين ـ إن شاء الله ـ بما تجرينه على نفسك من الأوقاف والصدقات الجارية ويعود عليك نفع ذلك بعد الموت.
والله أعلم.