عنوان الفتوى : ما يمكن للعبد فعله بعد موت أبيه

مدة قراءة السؤال : 4 دقائق

كنت مع الوالد ـ يرحمه الله ـ الذى توفى يوم الجمعة الموافق: 17/7/2009 الساعة 5مساء قبل المغرب وكنا فى رحلة علاج له من تاريخ: 6/3/2009 إلى تاريخ: 9/7/2009 وخلال هذه الفترة لم يكن معنا أحد ـ أنا وهو فقط ـ وكان مريضا بداء الكبد وكان يحتاج إلى متبرع ولكن لم نجد متبرعا له وتم الرجوع إلى الإمارات بذلك التاريخ وخلال الرحلة هذه كنت معه وكان في بعض الأوقات يعاتبنى ويغضب علي ولكن كنت أرضيه وكان يفرح حين يرانى موجودا عنده وكنت أخدمه بشكل متقطع وكنت أغسله وأحلق له شعره وكان يدعو لي: الله يخليلك لعيالك ويفيدونك يوم تكبر، فكنت أبكى من غير أن يحس بشيء، ولكن في بعض الأوقات كنت أهمله قليلا ولكن لم يكن يقول لي أي شيء سوى اجلس معي أكثر، وللمعلومة أكثر ياشيخ كان الوالد فى شبابه وقبل مرضه يشرب الخمر بكثرة وكنت أكره ماكان يفعله وكنت أتمنى موته بسرعة، ولكن إرادة الله كانت أقوى من هذا وكنت أعرف عنه أنه كان يساعد فى أعمال الخير ـ كان يركب فى بعض المساجد السماعات وأجهزة الميكروفون ـ وكان طيب القلب ولكنه شديد العصبية وكان لا يصلي كثيرا كانت صلاته متقطعة وفي بعض الأحيان ـ بضع شهور فقط ـ ومرض بعد هذا بداء الكبد وتوفي من هذا المرض، لكن عندما رأيته وهو متوفى كان أبيض الوجه ووجه متجه إلى جهة اليمين ومن خلال بعض الشهود فى مغسلة الموتى كان أبيض وخفيف الوزن وكنت أبكى بكثرة فى المغسلة، ماذا فعل أبي حتى يموت يوم الجمعة؟ وهل هو راض عني أم لا؟ الذى أعلمه أنه كان يقول لى لم ينفعني من أبنائي إلا أنت وكانت دمعتي تنزل من غير أن يحس وكنت أكذب عليه عندما كان يسألني عن أمه ـ جدتي ـ وهى أيضا توفيت يوم الجمعه عصرا وكان يقول لى ماحال جدتك فكنت أقول له بخير وتسلم عليك ـ كانت كذبة ـ خوفا عليه من ازدياد المرض عليه وهو مريض، وقبل هبوط الطائرة فى مطار دبي الدولي قال لي أريد أن أرى أمي ـ أى جدتي ـ وكنت أقول له ترتاح أولا ثم أذهب بك لرؤية جدتى ولم أفعل هذا وأحس بذنب كبير أيضا بما صنعت له؟ هل هو راض عني أم لا؟ ياشيخ أكتب لك هذه الرساله وأنا أبكى من أجل أبى المرحوم ـ الله يرحمه ـ ولا أدري، هل كنت مقصرا في حقه أم لا؟ وماذا أفعل له وهو فى القبر؟ لقد تكلمت مع أخي الأكبر بأني لا أريد أى شيء من الميراث وأن يتبرع به من أجل أبى المرحوم وكنت أحس بذنب كبير خلال رحلتي معه تاركا زوجتى وأبنائي من أجله ولكن هاهو قد مات ولم أفعل له شيئا وعندي إحساس بأننى قصرت معه في أشياء كثيرة، ولا أدرى ماذا أفعل له الآن؟ وماهى الأعمال التى لا تنقطع عنه فى قبره؟ وأنا ضعيف الإيمان أصلى أحيانا وأترك الصلاة أحيانا أخري وقد نويت في هذه السنة عمرة وحجة لعلى الله يصلح حالي، أرجوك ياشيخ أرشدني، ماذا أفعل؟ وماذا أصنع؟ وماهى نصيحتك لى؟ وهل كنت مقصرا في حق أبى؟.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأحسن الله عزاءك في أبيك، ونسأل الله أن يغفر له ويعفو عنه، وأن يتقبّل منك برّك به وقيامك برعايته حال مرضه، وأول ما ننصحك به هو المحافظة على الصلاة، فلا شكّ أن الصلاة أعظم أمور الدين بعد الإيمان، ولا حظَّ في الإسلام لمن تركها، وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، ولمعرفة ما يعينك على المحافظة عليها راجع الفتوى رقم : 3830.

وننبّهك إلى أنّ كذبك على أبيك حين سألك عن جدتك غير جائز، فقد كان يمكنك استعمال المعاريض والتورية دون الكذب الصريح، وانظر في بيان ذلك الفتوى رقم :68919.

واعلم أنّ الإنسان إذا كان حريصاً على برّ والديه مجتهداً في طلب مرضاتهما ابتغاء وجه الله، فإنّه بعد ذلك إذا بدر منه شيء من التقصير في حقّهما، فإنّ ذلك مظنّة العفو من الله. قال تعالى:  رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا  { الإسراء:25}.

قال القرطبي: وقال ابن جبير: يريد البادرة التي تبدر كالفلتة والزلة تكون من الرجل إلى أبويه أو أحدهما لا يريد بذلك بأسا، قال الله تعالى: إن تكونوا صالحين، أي صادقين في نية البر بالوالدين، فإن الله يغفر البادرة وقوله: فإنه كان للأوابين غفورا: وعد بالغفران مع شرط الصلاح والأوبة بعد الأوبة. الجامع لأحكام القرآن -10 / 246.

وأمّا ما يمكنك أن تفعله لأبيك بعد موته، فقضاء ديونه إن كان عليه ديون ـ سواء كان دين آدمي أو دينا لله تعالى ـ كما لو كان عليه صيام واجب لم يصمه، أو زكاة وجبت عليه ولم يدفعها، أو كان مستطيعا للحج ولم يحج، فما عليه من ديون أو كفارات تقضى من تركته قبل تقسيمها، وكذا يحج عنه إن كان قدر على الحج ولم يحج.

وأمّا ما ينفعه في قبره ولا ينقطع عنه فهو الدعاء له والصدقة الجارية عنه، وممّا يمكنك فعله من برّه بعد موته صلة الرحم من جهته وإكرام أصدقائه، وللفائدة انظر الفتوى رقم 18806 .

والله أعلم.