عنوان الفتوى : هل تقبل توبة المستهزئ بالله ورسله

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أنا أريد أن أعرف كيف يغفر الله لمن استهزأ به وبالأنبياء، وبالقرآن، ويبدل سيئاته حسنات؟ وكيف يعيش بين المسلمين؟ هذا في حال التوبة. وهل من المعقول أن التوبة تحول هذا الرجل من رجل كافر بأشد أشكال الاستهزاء بالله إلى رجل صالح؟ وهل معقول أنه يمكن له الزواج بشرع الله؟ أنا أريد أن أعرف ما الحكمة من قبول توبة هؤلاء مع كل هذه الجرأة على الخالق في حال توبتهم؟

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فعلى المسلم أن يعتقد أن الله تعالى يخلق ما يشاء ويفعل ما يريد، لا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون، وكل أفعاله تعالى منطوية على الحكمة التامة، وأن مبنى الدين على الإيمان بالغيب، وإثبات كل أنواع الكمال المطلق لله تعالى، ونفي كل أنواع النقص عنه سبحانه، والعقل الإنساني مهما أوتي من قوة وإدراك فهو محدود للغاية، فهو يجهل كثيرا من أسرار نفسه فضلا عن الخلق والكون من حوله، فكيف يستطيع هذا الإنسان الضعيف الإحاطة بحكمة الله في قضائه وقدره، وخلقه وأمره، وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم: 118200.

وأما الاستهزاء بالله تعالى أو كتابه أو أنبيائه فكفر مخرج من الملة والعياذ بالله، ومع ذلك فمن تاب منه صحت توبته وقبلت إن استوفت شروطها، ومحت ما كان قبلها من الذنب مهما كانت شدة استهزائه، وجاز تزويجه وعاش مع المسلمين بلا فرق بينه وبينهم، وقد كان من الصحابة رضي الله عنهم من هم معادون للدين قبل أن يسلموا ثم منّ الله عليهم بالإسلام فصاروا إلى فضل الله وكرامته. واعلم أن الاستهزاء بالله كفر إلا أن يكون وسوسة وهواجس نفس فإن العبد لا يؤاخذ به. وقد سبق بيان ذلك في عدة فتاوى، منها الفتويان: 121183، 118361.

كما سبق في الفتوى رقم: 34955أن بينا معنى تبديل السيئات حسنات، وأن الردة إن تاب منها صاحبها تدخل في هذا التبديل إن شاء الله لأنها من السيئات. وراجع للفائدة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 80871، 33975، 123958.

ومن حكمة ذلك أن تظهر آثار أسماء الله وصفاته في خلقه، فهو سبحانه واسع المغفرة ورحمته وسعت كل شيء، ولا يتعاظمه ذنب أن يغفره، فهو الرحمن الرحيم، العفو الكريم، الرءوف الحليم، التواب الغفور ... فإذا تاب الله على من سبه واستهزأ به وغفر له وعفا عنه ووفَّقه للإنابة وجعله من أوليائه الصالحين ـ شهدنا بذلك آثار هذه الأسماء وتعلقت قلوبنا برحمته وعفوه وكرمه ورأفته ولم نيأس من رحمته.

والله أعلم.