عنوان الفتوى : معنى قول الشافعي: من غلب على عقله.. لم يكن سببا لاجتلابها على نفسه بمعصية

مدة قراءة السؤال : 4 دقائق

فقد استفتيتكم في أسئلة سابقة عن مشكلتي وهي الوسواس في الطلاق، وأخبرتموني أن أتجاهل هذه الوساوس وقلتم لمزيد من الاطلاع انظر الفتاوى المرفقة ومن بينها الفتوى 102665 والتي فيها: قال الإمام الشافعي في كتاب الأم: ...ومن غلب على عقله بفطرة خلقة، أو حادث علة لم يكن لاجتلابها على نفسه بمعصية، لم يلزمه الطلاق، ولا الصلاة، ولا الحدود، وذلك مثل المعتوه والمجنون، والموسوس والمبرسم، وكل ذي مرض يغلب على عقله ما كان مغلوباً على عقله. انتهى. فما معنى لم يكن لاجتلابها على نفسه بمعصية فأنا والله دائم الوسوسة، وتكثر الوسوسة في أماكن الاختلاط كالأسواق عندما أنزل أشتري بعض المستلزمات، وقد يقع الإنسان في ذنب النظر الحرام نتيجة خروج النساء متبرجات، أو عند مشاهدة التلفاز مثلا، فالوسوسة ملازمة لي حتى وإن كنت جالسا في البيت، أو أثناء العمل، ومرة أتتني وأنا نعسان بين النوم واليقظة فلا أدري أقلت امرأتي كذا، أو قلت لو فعلت كذا فأنت كذا، لا أعلم لأني نعسان لم أكن في كامل وعيي، دائما يأتي في نفسي لو فعلت كذا تصبح امرأتي كذا بالخير أو الشر بسبب ومن غير سبب، فقد أوسوس إذا لم أصل العشاء في جماعة تصبح امرأتي كذا، لو قابلتك سيارة من هذا الطريق تصبح امرأتي كذا، ولشدة الوسوسة علي وكثرتها أصبحت أغلق فمي بالأوقات الطويلة وأضغط على لساني مخافة التلفظ، وفي مرة تذكرت معصية أو كنت قد وقعت في ذنب فوسوست في نفسي لو فعلت هذا الذنب ولا أذكر هل قلت سأطلق زوجتي أو تصبح زوجتي كذا-ليس حلفا بالطلاق أو تهديدا بالطلاق لعدم الوقوع في الذنب بل وسوسة من الوساوس التي تأتيني دائما- ولكني وقتها أذكر أني لم أتلفظ ولكني خفت من وسوستي بهذه المعصية، مع علمي وقتها أني لم أتلفظ، والذي جعلني أعتقد أني لم أتلفظ أني حدثت نفسي مخاطبا إياها أنت لم تتلفظ ولكن عندك شك في أنك تلفظت، فهذا الشك يجعلك ترهب وتخاف أن تقع في الذنب فلا تقترب من هذا الذنب حتى لا يحدث طلاق، وبالأمس تذكرت هذا الذنب وقلت في نفسي أني لم أتلفظ بها وأنها وسوسة، فوقعت في هذا الذنب وأظلمت الدنيا في وجهي. هل وقع طلاق أم لا؟ وكما أخبرتكم أنها كانت وسوسة والله ولا نية عندي للطلاق، وأقول لأني الآن أصبحت أشك هل تلفظت أم لا؟ فوالله إن كنت تلفظت فاللفظ مني بغير إرادة أو لم أستطيع أن أطبق فمي لحظتها، أو غلبت الوسوسة لساني من غير إرادة، وأنا بعد ما كنت جيد الذاكرة في هذه الوسوسة بدأ يلتبس علي الأمر. فهل أنا جلبت على نفسي الطلاق بالمعصية؟ فكما أخبرتكم أني دائم الوسوسة في الطلاق حتى إنها تأتيبي كثيرا أثناء الصلاة، فاليوم وأنا جالس في العمل وفجأة جاء لفظ صريح الطلاق-أنت كذا- فأهملت الوسوسة لبرهة أو أهملتها للحظات ولم أعرها اهتماما، ولم أخف منها كما أخاف من الوسوسة كعادتي، وقلت هذه وسوسة وقلت لو نطقت فأنت معذور لغلبة الوسوسة على نفسي، وقول بعض أهل العلم لي الذين سألتهم أني موسوس ولا طلاق لي بطمأنية، وأن الموسوس لا يقع طلاقه، وبعد فترة جلست أسترجعها وأحسست أني تلفظت وقتها ولكني لم أسمع صوتا ولم أحس أن لساني تحرك بها، ولكن كان لها صدى في نفسي كبيرا لأني وقتها لم أكن مطبقا على لساني أو كان فمي مفتوحا، والغالب على ظني وأتيقن منه بنسبة كبيرة أني ما تلفظت وفي نفس الوقت أخشى أن أكون قد تلفظت. فهل وقع مني طلاق؟

مدة قراءة الإجابة : دقيقتان

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله سبحانه أن يعجل لك العافية والشفاء من هذا الداء الوبيل، وأن يصرف عنك كيد الشيطان ومكره.

واعلم أيها السائل الكريم أن كل ما ذكرت ليس من الطلاق في شيء بل ولا يعتبر شبهة طلاق، بل ما هو إلا وساوس بالصدر بعيدة كل البعد عن الواقع والحقيقة.

والواجب عليك هو أن تعرض عن هذا كله، وتستعيذ بالله من شر الشيطان الرجيم، وننصحك بأن تعرض نفسك على طبيب نفسي مسلم متدين، فقد جربت العقاقير الطبية في علاج الوساوس فكان لها أثر كبير وفائدة عظيمة بفضل الله سبحانه.

وأما قول الشافعي رحمه الله تعالى:.... لم يكن سببا لاجتلابها على نفسه بمعصية. فليس معناه ما ذهبت إليه، بل معناه أنه لم يكن سببا في تغييب عقله بتناول محرم من خمر ونحوه، لأن من فعل ذلك وأدخل السكر على نفسه بمحرم فعند ذلك يلزمه الطلاق، والحدود كلها، والفرائض على مذهب الشافعي رحمه الله تعالى.

 جاء في كتاب الأم: قال الشافعي رحمه الله: ومن شرب خمرا أو نبيذا فأسكره فطلق لزمه الطلاق، والحدود كلها، والفرائض، ولا تسقط المعصية بشرب الخمر، والمعصية بالسكر من النبيذ عنه فرضا ولا طلاقا. انتهى.

والله أعلم.