عنوان الفتوى : أعطي أشرطة لوضعها في مسجد فهل له وضعها في غيره
عندنا في المسجد مكتبة أشرطة وأقراص، ولكن المسؤل عنها لا يقوم بحقها- وللأسف- ولا يريد أن يسلمها لغيره، وفي أحد الأيام أتى شخص وأعطاني مجموعة من الأشرطة وأقراصا لأضعها في مكتبة المسجد.ولكنه لا يعرف الوضع المؤسف لهذه المكتبة، ولا مجال لإعادة الأشرطة له لأنه شخص غريب عن المسجد، فقمت بالحفاظ عليها وعدم وضعها في المسجد لركود هذه المكتبة، وأنا لا أريد الاحتفاظ بها إلا لفترة بسيطة حتى تعود المكتبة لسابق نشاطها. فهل هذا جائز شرعاً ؟ وهل يجوز أن أضع الأشرطة والأقراص في مكتبة مسجد آخر؟ أفتوني مأجورين لأنني في حيرة من أمري؟ وبارك الله فيكم ونفع الإسلام بكم .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلايجوز لك الاحتفاظ بتلك الأشرطة، أوصرفها إلى مسجد آخر ما دام صاحبها قد عين المسجد الذي توقف فيه، إلا إذا لم يكن المسجد المعين بحاجة إليها وعلمت حاجة غيره إليها فيجوز لك صرفها إلى المسجد الذي هو أكثر حاجة وأعم نفعا، لأن قصد الواقف هو القربة، وهي حاصلة بالوقف في أيهما كانت وحاجة الثاني إليها أكثر ونفعها فيه أعظم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ويجوز تغيير شروط الواقف إلى ما هو أصلح منه، وإن اختلف ذلك باختلاف الزمان، حتى لو وقف على الفقهاء والصوفية واحتاج الناس إلى الجهاد صرف إلى الجند. انتهى.
و قال ابن قدامة في المغني: وما فضل من حصر المسجد وزيته، ولم يحتج إليه، جاز أن يجعل في مسجد آخر، أو يتصدق من ذلك على فقراء جيرانه وغيرهم، وكذلك إن فضل من قصبه أو شيء من نقضه، قال أحمد في مسجد بني فبقي من خشبه أو قصبه أو شيء من نقضه، فقال: يعان في مسجد آخر أو كما قال، وقال المروذي: سألت أبا عبد الله عن بواري المسجد، إذا فضل منه الشيء، أو الخشبة، قال: يتصدق به، وأرى أنه قد احتج بكسوة البيت إذا تحرقت تصدق بها. انتهى.
وقال في الاستدلال لذلك: وروى الخلال بإسناده عن علقمة عن أمه أن شيبة بن عثمان الحجبي، جاء إلى عائشة -رضي الله عنها- فقال: يا أم المؤمنين، إن ثياب الكعبة تكثر عليها، فننزعها فنحفر لها آباراً فندفنها فيها، حتى لا تلبسها الحائض والجنب، قالت عائشة: بئس ما صنعت، ولم تصب، إن ثياب الكعبة إذا نزعت لم يضرها من لبسها من حائض أو جنب، ولكن لو بعتها وجعلت ثمنها في سبيل الله والمساكين، فكان شيبة يبعث بها إلى اليمن، فتباع فيضع ثمنها حيث أمرته عائشة، وهذه قصة مثلها ينتشر ولم ينكر، فيكون إجماعاً، ولأنه مال الله تعالى لم يبق له مصرف فصرف إلى المساكين كالوقف المنقطع. انتهى.
وينبغي أن تناصح ناظر المكتبة والقيم عليها، وتتعاون معه لتعم الفائدة منها ويتحقق الغرض .
والله أعلم.