عنوان الفتوى : التشاؤم والحسد
هل يجوز أن أتشاءم من زيارة إنسان لبيتي لأنه يحدث ضرر كلما زارنا هذا الشخص كأن ينكسر شيء أو يحترق شيء وهل هذا يندرج في باب الحسد؟ خاصة لأن حالتي المادية أفضل من هذا الإنسان
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك أن تتشاءم من زيارة هذا الشخص إلى بيتك لمجرد حصول ضرر كاحتراق شيء، أو انكساره، ونحو ذلك عند زيارته، لأن التشاؤم شرك، وسوء ظن بالله، وتوقع للبلاء، وإذا أحسست بالتشاؤم فتوكل على الله وقل: (اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك) ولا يجوز لك منع هذا الشخص من زيارتك لمجرد هذا السبب، لأن هذا تحقيق للتشاؤم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك" رواه أحمد. وقال صلى الله عليه وسلم: "إنما الطيرة ما أمضاك أو ردك" رواه أحمد.
فدل هذان الحديثان على أن التشاؤم لا يؤاخذ عليه الإنسان حتى يعمل بمقتضاه، ومنع هذا الشخص من الزيارة تحقيق للتشاؤم عملياً، وإذا تبين لك أن ما ينكسر أو يحترق في بيتك بسبب نظر هذا الشخص إليه، فهو عائن ينبغي لك عند زيارته أن تحاول إخفاء ما يلفت النظر عنه، أو الجلوس معه في مكان ليس فيه ما يلفت النظر، وعليك التحصن بالآيات القرآنية، والأدعية النبوية، فحينئذ لا يضرك ولا يضر ممتلكاتك حسد هذا الشخص، قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى: (فكل عائن حاسد، وليس كل حاسد عائناً، فلما كان الحاسد أعم من العائن، كانت الاستعاذة منه استعاذة من العائن، وهي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن، نحو المحسود والمعين، تصيبه تارة وتخطئه تارة، فإن صادفته مكشوفاً لا وقاية عليه أثرت فيه ولا بد، وإن صادفته حذراً شاكي السلاح، لا منفذ للسهام لم تؤثر فيه، وربما ردت السهام على صاحبها..)
كما ينبغي أن ينصح هذا العائن بالرفق والحكمة، ويبين له أن من رأى شيئاً يعجبه فعليه أن يقول: ما شاء الله أو تبارك الله.
فإن بين له واستمر على تمرده وحسده وإفساده، جاز لك منعه من زيارتك، ودخول بيتك، بل ذهب العلماء إلى أبعد من هذا، وهو ما نص عليه ابن القيم في زاد المعاد قائلا: (وقد قال أصحابنا وغيرهم من الفقهاء: إن من عرف بذلك -العين- حبسه الإمام، وأجرى له ما ينفق عليه إلى الموت، وهذا هو الصواب قطعاً) وليس هذا من باب التشاؤم، وإنما هو من باب منع المفسد.
والله أعلم.