عنوان الفتوى : عدد الأحاديث الصحيحة المروية عن الرسول
عدد الأحاديث الصحيحة المروية عن الرسول عليه الصلاة والسلام وعلى آله وأصحابه الأطهار ؟ جزاكم الله عنا كل خير في الدنيا والآخرة. آمين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم نقف على تحديد من أهل العلم يقطع به لعدد الأحاديث الصحيحة المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونرى أنه من الصعب تحديد عدد معين لها؛ نظرا لأن التصحيح والتضعيف نسبيان، فقد يكون الحديث صحيحا عند بعض أهل العلم، وضعيفا عند البعض الآخر.
ولأن الحديث غير محصور حصرا دقيقا، وكذلك رواته.. فقد قال ابن الصلاح في مقدمته: روينا عن أبي زرعة الرازي: أنه قال: ومن يحصي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قبض عن مائة ألف وأربعة عشر ألفاً من الصحابة، ممن رآه وسمع منه... وسئل عن عدة من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ومن يضبط هذا؟
ونقل عن بعض أهل العلم كلام في عدد الأحاديث الصحيحة لكنه لا يعني حصرها بالضبط، فمن ذلك ما جاء في مقدمة أصول الحديث للدهلوي ونقل عن البخاري قوله: حفظت من الصحاح مائة ألف حديث، ومن غير الصحاح مائتي ألف.... إلى غير ذلك من الأقوال التي تحاول حصر الحديث أو الصحيح.
وقد عقب ابن الجوزي في صيد الخاطر على هذه الأقوال بقوله: إنما يعني به الطرق.. ولا يحسن أن يشار بهذا إلى المتون. ثم قال: أجمع المسانيد الظاهرة مسند أحمد بن حنبل، و قد طاف الدنيا مرتين حتى حصله وهو أربعون ألف حديث؛ منها عشرة آلاف مكررة، وقال عنه: هذا كتاب جمعته من أكثر من سبع مائة ألف وخمسين ألفا ؛ فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم فارجعوا إليه فإن وجدتموه وإلا فليس بحجة.. أفترى يخفى على متيقظ أنه أراد بكونه جمعه من سبعمائة ألف أنه أراد الطرق لأن السبع مائة الألف إن كانت من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف أهملها ؟ وكيف ضاعت هذه الجملة ؟ ولم أهملت وقد وصلت كلها إلى زمن أحمد فانتقى منها ورمى الباقي ؟ وأصحاب الحديث قد كتبوا كل شيء من الموضوع والكذب.. ومعلوم أنه لو جمع الصحيح والمحال الموضوع وكل منقول عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ما بلغ خمسين ألفا فأين الباقي؟ اهـ
وفي النكت على مقدمة ابن الصلاح قال الفقيه نجم الدين القمولي: إن مجموع ما صح من الحديث أربعة عشر ألف حديث. وأول كلام البخاري وغيره ؛ فقال: مراده - والله أعلم - بما ذكره تعدد الطرق والأسانيد وآثار الصحابة والتابعين وغيرهم فسمى الجميع حديثا، وقد كان السلف يطلقون الحديث على ذلك.. اهـ
وما جاء في صحيحي البخاري ومسلم صحيح كله متفق على صحته إلا أحاديث يسيرة انتقدها بعض الحفاظ، وكذلك أكثر ما جاء في السنن ومسند الإمام أحمد وصحيح ابن خزيمة ومستدرك الحاكم وصحيح ابن خزيمة والمختارة للضياء المقدسي وصحيح أبي عوانة وابن السكن والمنتقى لابن الجارود.
قال صاحب المقدمة: وهذه الكتب كلها مختصة بالصحاح مع أن المحققين قالوا: إنه لم يفت الأصول الخمسة (الصحيحين وسنن أبي داود والترمذي والنسائي) من الحديث الصحيح المتعلق بالأحكام إلا اليسير.
قال العلوي الشنقيطي في طلعة الأنوار:
لم يفت الخمسة إلا ما ندر * من الصحيح عند متقن الخبر.
ويقصد بمتقن الخبر الإمام النووي كما في شرحه..
كما ننبهك إلى أن مجرد معرفة عدد الأحاديث لا يترتب عليه حكم ولا ينبني عليه عمل، وجهله لا يضر. والذي ينبغي أن يحرص عليه المسلم هو العمل بما بلغه من الأحاديث الصحيحة والحرص على حفظها ونشرها..
وللمزيد من الفائدة انظري الفتويين: 17465، 66864، وما أحيل عليه فيهما.