عنوان الفتوى : البيان بالقلم هل يعد جهادا وهل يؤجر عليه صاحبه
هل هناك جهاد يسمى بجهاد القلم ، يأخذ عليه صاحبه إن أعمل النية أجر المجاهد في سبيل الله تعالى ، وكيف السبيل إليه ؟!!أفيدوني بارك الله فيكم ..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجهاد القلم يراد به بيان الحق والدعوة إليه، وبيان الباطل والتحذير منه، وقد سبق بيان أنواع الجهاد وحقيقة كل نوع في الفتوى رقم: 54245 وكذا بيان أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نوع من أنواع الجهاد في الفتوى رقم: 12916 .
وهذا النوع من البيان يعد بلا شك نوعا من الجهاد، قال ابن القيم: أمر الله تعالى نبيه بالجهاد من حين بعثه، وقال: { ولو شئنا لبعثنا فى كل قرية نذيرا فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا} [الفرقان: 51-52]، فهذه سورة مكية أمر فيها بجهاد الكفار، بالحجة، والبيان، وتبليغ القرآن، وكذلك جهاد المنافقين، إنما هو بتبليغ الحجة، وإلا فهم تحت قهر أهل الإسلام، قال تعالى: { يا أيها النبى جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير} [التوبة: 73]. فجهاد المنافقين أصعب من جهاد الكفار، وهو جهاد خواص الأمة، وورثة الرسل، والقائمون به أفراد في العالم، والمشاركون فيه، والمعاونون عليه، وإن كانوا هم الأقلين عددا، فهم الأعظمون عند الله قدرا.
وقال أيضا: جهادُ الحُجَّة أمر به في مكة بقوله: { فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ} [الفرقان: 52] أى: بالقرآن {جِهَاداً كَبِيراً} [الفرقان: 52]، فهذه سورة مكية والجهاد فيها هو التبليغُ، وجهادُ الحُجَّة. انتهى من زاد المعاد في هدي خير العباد.
ولابن القيم رحمه الله كلام جامع عن القلم وأنواعه عند قوله تعالى: ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ {القلم:1}، ومما قال فيه: أقسم بالكتاب وآلته وهو القلم الذي هو إحدى آياته وأول مخلوقاته الذي جرى به قدره وشرعه وكتب به الوحي وقيد به الدين وأثبتت به الشريعة وحفظت به العلوم وقامت به مصالح العباد في المعاش والمعاد فوطدت به الممالك وأمنت به السبل والمسالك وأقام في الناس أبلغ خطيب وأفصحه وأنفعه لهم وأنصحه وواعظا تشفي مواعظه القلوب من السقم وطبيبا يبرئ بإذنه من أنواع الألم.
ثم ذكر أنواع القلم وقال: القلم الثاني عشر القلم الجامع وهو قلم الرد على المبطلين ورفع سنة المحقين وكشف أباطيل المبطلين على اختلاف أنواعها وأجناسها وبيان تناقضهم وتهافتهم وخروجهم عن الحق ودخولهم في الباطل. انتهى من التبيان في أقسام القرآن.
والله أعلم.