عنوان الفتوى : ما يلزم الزوج إذا طلق امرأته قبل الزفاف

مدة قراءة السؤال : 5 دقائق

اختار لي أهلي فتاة لأتزوجها، وبالفعل تم العقد في فترة قصيرة جدا لم تتح لي الفرصة لأتعرف عليها وعلى طباعها ولكن تم عقد القران، وحين العقد طلب مني عم الزوجة التوقيع على إقرار بأني قد استلمت منقولاتها الزوجية، و نظرا لتوقعي أنهم أهل للثقة في ذلك الحين قمت بالتوقيع على هذا الإقرار الذي لم يتم تحديد فيه المنقولات أو تكلفتها، كنا قد اتفقنا على أن تكون الشبكة بمبلغ 10000 جنيه، وحينها لم يتم الاتفاق وتوقيع القائمة ولم يتم تحديد القائمة ولكن ما تم تحديده هو مبلغ 13000 جنيه لتجهيز غرف النوم و الصالون و السفرة بحيث تكون الزوجة ملزمة بتجهيز باقي التجهيزات. وكان قد تم الاتفاق على أن يكون الفرح بعد عام على الأقل حتى يتسنى لي تجهيز مكان الزواج و هو سيكون في منزل أخي بإيجار شهري. ما حدث أنها بعد فترة بسيطة من كتب الكتاب أخطأت في حقي وأهانتني، ولكن نظرا لأنه تمت كتابة عقد الزواج فلم أخاطر بأن أقوم بتطليقها؛ لأن أبغض الحلال عند الله الطلاق، وحينها قررت ألا يعلم أهلي بما حدث حتى لا يلجؤوا للضغط علي لأطلقها، و لكن بعد فترة أخرى زادت من إهانتها لي و معاملتها السيئة لي لدرجة أنها جعلتني لا أطيق معاشرتها، وحينها قررت أني سأطلقها، و لكن بعد أن ترد لي حقوقي لديها، حيث إنها كرهتني و جعلتني أكرهها بمعاملتها السيئة لي. أرسلت لها الكثيرين مطالبا إياها بالشبكة وسأقوم بتطليقها دون علم الجيران أو الناس بما حدث من تجاهها نحوي، وحتى لا يكون ذلك مسيئا لسمعتها، ولكنها زادت من الخطأ في حقي بردها بسوء على من أرسلتهم لها. حتى وصل الحال بي إلى أن قام عمها بتقديم دعوى ضدي بأني قمت بتبديد منقولاتها الزوجية مدعيا أني قد وقعت القائمة وقدرها 58000 جنيه و لكني في الواقع قد وقعت على إقرار بأني استلمت منقولاتها و بالفعل لم أستلم منقولاتها؛ لأنني لم أجهز حتى الآن الشقة التي كنا سنتزوج فيها، و يشهد على ذلك الكثيرون حتى و إن كنت بالفعل قد وقعت على قائمة الزواج فإني لم أستلم شيئا، و لم أبدد شيئا لم أستلمه أساسا. حاليا يطلب مني عمها كوكيل لها بأن أسدد لها نصف المبلغ المحدد بالقائمة التي قدمها للمحكمة (58000)، و يطلب مني سداد نصف المؤخر و ترك الشبكة حتى أقوم بتطليقها لأن الشرع يقول ذلك! مع العلم بأن الشبكة ليست هدية من الزوج لزوجته، ولكن جرى العرف هنا بأنه يتم الاتفاق عليها على أنها من المهر، و لكن لا يتم توثيقها بعقد الزواج، حتى لا تزيد تكلفة عقد الزواج أي أنها ليست هدية. طالبتهم بالشبكة وديا و أقوم بتطليقها حيث إنني لم أدخل بها حتى الآن، و بالتالي يكون من حقها (على حسب علمي) نصف المؤخر فقط، و ليس من حقها أن تطالبني بما في القائمة الزوجية مع العلم أنها هي التي تكرهني وهي التي جعلتني أكرهها مع العلم بأني لم أخطئ في حقها. أفتوني في مثل هذا الأمر. هل من حقها أن تأخذ نصف قائمتها (نصف 58000) و يكون لها نصف المؤخر و يكون لها نصف الشبكة أو الشبكة كلها كما يدعي عمها. أم أنها تسببت في كرهي لها وبغضي للمعيشة معها مع أني لم أخطئ في حقها، وبالتالي تكون هي من تكره و بالتالي يكون من حقي استرداد الشبكة، و ليس لها إلا نصف المؤخر فقط، و ليس من حقها أي شيء من قائمة منقولاتها. مع العلم أني بإمكاني أن أطالب بها وأدعي أني لا أبغضها و أجعلها تنتظرني حتى أجهز نفسي، وقد يطول هذا و قد تحدث أشياء بعدها تجعلني أطلقها، و تكون حينها قد كبرت في السن ويقل نصيبها في الزواج. وأيضا في حالة طلبها الخلع، فماذا يكون من حقها؟ و ماذا يكون من حقي حتى يتم الخلع؟ أعتذر على الإطالة و أنتظر فتواكم؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد ذكرت أيها السائل أنك قد عقدت عقد النكاح على هذه المرأة، ولم تذكر لنا هل حصل بعد العقد خلوة بها أم لا؟ فإن كنت قد اختليت بها خلوة صحيحة يمكن فيها الوطء عادة، فالراجح من أقوال أهل العلم أن هذه الخلوة تقرر للمرأة المهر كله. وحينئذ فلو طلقت فأنت ملزم بدفع جميع المهر لها مقدمه ومؤخره.

ودليل ذلك ما رواه الإمام أحمد بإسناده إلى زرارة بن أوفى قال: قضى الخلفاء الراشدون المهديون أن من أغلق بابا أو أرخى سترا فقد وجب المهر ووجبت العدة. انتهى.

 وقال العلامة الخرقي وهو من علماء الحنابلة: وإذا خلا بها بعد العقد فقال لم أطأها وصدقته لم يلتفت إلى قولهما، وكان حكمها حكم الدخول في جميع أمورهما انتهى، ومعنى الخلوة الشرعية عند الفقهاء انفراد الزوجين في مكان يمكن فيه الجماع بينهما ولو لم يحصل.

أما إذا كنت لم تختل بها وطلقتها فإن لها نصف جميع المهر المسمى مقدمه ومؤخره بما في ذلك الشبكة لأنك قد ذكرت أن العرف في بلدكم أن الشبكة تعد من المهر. قال تعالى: وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة : 237}.
فيلزمك حينئذ نصف المهر المسمى حقيقة، ولا عبرة بما افتراه عليك عم زوجتك من مهر كبير لم تتفقا عليه .

 ويستحب أن يعفو أحد الزوجين عن النصف الواجب له لصاحبه لقوله تعالى: وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم.

ونشير إلى أن هذه الزوجة تستحق وصف النشوز وحكمه، فلك أن تمتنع عن طلاقها حتى تختلع وتفدي نفسها منك بالمال الذي تتفقان عليه، سواء كان مساويا لما أعطيته لها أو أقل أو أكثر.

قال الإمام ابن عبد البر في التمهيد: وأجمع العلماء على إجازة الخلع بالصداق الذي أصدقها إذا لم يكن مضرا بها وخافا ألا يقيما حدود الله. واختلفوا في الخلع على أكثر مما أعطاها فذهب مالك والشافعي إلى جواز الخلع بقليل المال وكثيره وبأكثر من الصداق وبمالها كله إذا كان ذلك من قبلها. قال مالك لم أزل أسمع إجازة الفدية بأكثر من الصداق لقول الله تعالى : فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِه {البقرة: 229}، ولحديث حبيبة بنت سهل مع ثابت بن قيس. قال: فإذا كان النشوز من قبلها جاز للزوج ما أخذ منها بالخلع، وإن كان أكثر من الصداق إذا رضيت بذلك وكان لم يضر بها، فإن كان لخوف ضرره أو لظلم ظلمها أو أضر بها لم يجز له أخذه وإن أخذ شيئا منها على هذا الوجه رده ومضى الخلع عليه. اهــ

 وقد مضى تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 73322 . ومن هذه الفتوى ستعلم تفصيل الإجابة عن الجزئية الأخيرة في سؤالك، وهي مقدار ما تأخذه أنت مقابل إتمام الخلع.

وللفائدة تراجع الفتاوى رقم : 94534، 108422، 98384 .

والله أعلم.