عنوان الفتوى : الزواج من امرأة وقعت في الزنا سترا عليها
أنا شاب أبلغ من العمر 25 سنة عقد قراني مع فتاة من أحد الأقارب وهي تبلغ من السن 30 من عمرها وزوجها لها كان تسترا لأنها وقعت بها مشكلة وهي في غنى عنها وهي الآن على وشك ولادة إلا أنه تم الاتفاق قبل العقد بتكاليف الزواج وعدم شرط من قبلها ومن قبل والديها قبلوا بجميع شروطنا ومنها زواج عائلي ومهر بسيط وتبين بعد العقد بفترة بسيطة من كلامها أنها تريد أن تحيي زواجها باستراحة أفراح وأن آتي بمغنية وهكذا وأنا لم أوافق على شروطها وهي مصرةعلى قولها فقلت لها لما لم تكتبا شرطكما قبل أن نكتب العقد فسكتت وقالت لم يأت ببالي والآن تريد أن تحيي زواجها أو تريد الطلاق إذا لم يتم شرطها وأنا مصر على كلامي بالعقد زواج عائلي حسب الاتفاق والآن هي تريد الطلاق وأنا إنسان جئت لأستر عليها وأعمل خيرا، وللأسف لم أجد، فما رأي سعادتكم مع العلم بأني لم أدخل عليها إلى الآن ولم أنظر إليها فقط أتحدث معها بالتلفون. وأشكر فضيلتكم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم توضح لنا – أيها السائل - ما هي هذه الظروف التي وقعت بهذه المرأة هل هي زنا برضا منها أم غير ذلك, كأن تكون قد أكرهت على الزنا بغير رضا منها ولا اختيار, فإن كانت قد وقع منها الزنا برضاها، فلا يجوز الزواج بها ما لم تتب وتضع حملها من الزنا؛ لأن نكاح الزانية نكاح باطل إذا وقع قبل توبتها من الزنا, لقوله سبحانه: وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ {النور:3}.
وقد قال الرسول الله – صلى الله عليه وسلم : لا توطأ حامل حتى تضع. رواه أبو داود والحاكم وصححه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: فأما تحريم الزانية، فقد تكلم عنه الفقهاء من أصحاب أحمد وغيرهم، وفيه آثار عن السلف، وإن كان الفقهاء قد تنازعوا فيه، وليس مع من أباحه ما يعتمد عليه .انتهى.
وقال العلامة ابن القيم رحمة الله عليه: وأما نكاح الزانية فقد صرح الله بتحريمه في سورة النور، وأخبر أن من ينكحها إما زان أو مشرك، فإنه إما أن يلتزم حكمه سبحانه ويعتقد وجوبه عليه أو لا، فإن لم يلتزمه ولم يعتقده فهو مشرك، وإن التزمه واعتقد وجوبه وخالفه فهو زان، ثم صرح بتحريمه، فقال تعالى: وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ. انتهى.
فإن كنت قد عقدت عليها قبل توبتها فهذا نكاح باطل لا بد من فسخه, أما إذا كانت قد تابت أو كان الزنا قد وقع عليها وهي مكرهة فالعقد عليها – مع حملها - صحيح على مذهب الشافعية والحنفية إلا أنه لا يجوز لك وطؤها حتى تضع حملها لما سبق من قول الرسول الله – صلى الله عليه وسلم – : لا توطأ حامل حتى تضع.
وذهب المالكية والحنابلة إلى عدم صحة هذا العقد لأن العدة واجبة على الزانية كغير الزانية، وعدة الحامل وضع الحمل, وعليه فلا يجوز العقد على الزانية قبل تمام العدة من الزنا.
ولا مانع من الأخذ بمذهب الشافعية والأحناف خصوصا إذا كان هناك حرج من فسخ العقد وإعادته مرة أخرى.
وأما ما تذكر من كونها تصر على إقامة الفرح في صالة أفراح وأن تأتي بمغنية, فهذا لا يجوز لها لأن فيه مخالفة لما تم اشتراطه في العقد من الاقتصار على احتفال عائلي, هذا إذا كان أمر المغنية سيتم في إطار الضوابط الشرعية من عدم سماع الرجال لصوتها وكون كلمات الغناء مباحة لا فحش فيها , وأن لا يكون هناك آلات غناء محرمة إلى غير ذلك من ضوابط الشرع.
أما إذا اختلت هذه الضوابط أو بعضها فإن الأمر يكون ممنوعا من وجهين لمخالفته لأحكام الشرع من ناحية, ومخالفته للشرط من ناحية أخرى .
للفائدة تراجع الفتويين: 7877, 24204 .
والله أعلم.