عنوان الفتوى : حرمة التبرج وهل له أثر في نقض الوضوء

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

كل عام وأنتم بخير.. سؤالي هو: أنا فتاة مسلمة متدينة والحمد الله لا تفوتني صلاة، ولكن عندما أجلس فى المنزل أجلس وأرى بشعري وممكن أكون بنص كم عادي أما أي أحد ممكن أن يدخل المنزل مثل أقاربنا من الصبيان والرجال والنساء والفتيات أو حتى زملاء إخواتى الأولاد وأنا مرتدية البيجامة النصف كم وشعري مكشوف وأكون متوضئة، فهل هذا ينقض الوضوء لأني أجلس وشعري مكشوف وبنص كم، ويجب علي الوضوء من جديد وإذا سلمت على أحد بيدي من الرجال سواء أقاربي ام زملائي فى العمل فهل هذا ينقض الوضوء أم لا؟ وجزاكم الله عني خيراً.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالتبرج منكر عظيم يجب على كل مسلمة أن تتوب إلى الله منه، وأن تحذر شره، وقد بينا خطورة التبرج وأثره على الفرد والمجتمع وبينا كذلك أنه وإن كان محرماً فلا أثر له في نقض الوضوء، وذلك في الفتوى رقم: 113557.

وأما ظهور شعرك وبروزك بهذه الثياب أمام النساء والرجال من محارمك فجائز لا بأس به، إلا أن تكون هذه الثياب من الضيق بحيث تظهر حجم العظام من العورات المغلظة التي لا يجوز إبداؤها للمحارم، ودليل جواز كشف مواضع الزينة الباطنة للمذكورين، قوله تعالى: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء  {النور:31}.

وأما مصافحة الرجال الأجانب نعني الذين ليسوا من محارمك فهذه محرمة قطعاً، وذلك لما في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: واليد تزني وزناها البطش.. والبطش هنا هو اللمس بدلالة سياق الحديث فإنه في بيان زنى الجوارح، وقد فسره بذلك أهل العلم، كما في شرح مسلم للنووي رحمه الله، وأيضاً فإن الله حرم النظر إلى الأجنبية واللمس ذريعة إلى الفاحشة الكبرى كالنظر وزيادة، فهو بالتحريم أولى، وقد نص الفقهاء من أتباع المذاهب الأربعة على تحريم مصافحة الأجنبية غير أن بعضهم رخص في مصافحة العجوز التي لا تشتهى وهو قول مرجوح والعمل بالعموم أولى، وقد روى أحمد والترمذي عن أميمة بنت رقية قالت: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نساء نبايعه، فأخذ علينا ما في القرآن أن لا نشرك بالله شيئاً -الآية- قال: فيما استطعتن وأطعتن، قلنا: الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا، قلنا: يا رسول الله ألا  تصافحنا؟ قال: إني لا أصافح النساء، إنما قولي لامرأة واحدة كقولي لمائة امرأة. قال الترمذي رحمه الله هذا حديث حسن صحيح. وقال ابن كثير في تفسيره هذا إسناد صحيح.

قال الشنقيطي رحمه الله في تفسيره: وكونه صلى الله عليه وسلم لا يصافح النساء وقت البيعة دليل واضح على أن الرجل لا يصافح المرأة ولا يمس شيء من بدنه شيئاً من بدنها، لأن أخف أنواع اللمس المصافحة، فإذا امتنع منها صلى الله عليه وسلم في الوقت الذي يقتضيها وهو وقت المبايعة، دل ذلك على أنها لا تجوز وليس لأحد مخالفته صلى الله عليه وسلم لأنه هو المشرع لأمته بأقواله وأفعاله وتقريره. انتهى. قال العراقي رحمه الله في طرح التثريب: وإذا لم يفعل هو ذلك مع عصمته وانتفاء الريبة في حقه فغيره أولى بذلك. انتهى.

وهذه بعض نصوص العلماء الدالة على ما ذكرنا، قال العلامة الكاساني الحنفي في بدائع الصنائع: أما حكم مس هذين العضوين -الوجه والكفين- فلا يحل مسهما. انتهى. وقال الإمام الحصكفي الحنفي في الدر المختار: أما الأجنبية فلا يحل مس وجهها وكفها وإن أمن الشهوة لأنه أغلظ. انتهى.. وقال الإمام أبو بكر ابن العربي المالكي في عارضة الأحوذي: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصافح الرجال في البيعة باليد تأكيداً لشدة العقد بالقول والفعل، فسأل النساء ذلك فقال لهن: قولي لامرأة كقولي لمائة امرأة. ولم يصافحهن لما أوعز إلينا في الشريعة من تحريم المباشرة إلا من يحل له ذلك منهن. انتهى.

وجاء في الآداب الشرعية لابن مفلح: قال محمد بن عبد الله بن مهران: إن أبا عبد الله -أي الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله- سئل عن الرجل يصافح المرأة قال: لا، وشدد فيه جداً.

وأما نقض الوضوء باللمس نعني لمس الرجل للمرأة والعكس، ففي المسالة خلاف مشهور بين العلماء، والذي نرجحه هو مذهب أبي حنيفة واختيار جمع من المعاصرين، وهو أن اللمس لا ينقض الوضوء، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 2248، ومع التأكيد على أن اللمس إن كان لأجنبي فهو معصية.

والله أعلم.